رأي

محمد نجيب كومينة: النظام الجزائري يستغل الأغبياء لتحقيق ما عجز عنه تاريخيا

ما وقع في الكركرات، وما كان يمكن أن يتطور إلى الأسوأ لو لم يتخذ الموقف الحازم في الوقت المناسب وعلى رؤوس الاشهاد، هو أن النظام الجزائري استغل الأغبياء في محاولة لفرض ما سعى إليه تاريخيا وفشل بعزل المغرب عن موريتانيا وعن غرب افريقيا على مستوى البر بتغيير المعطيات التاريخية وتلك الناشئة عن وقف اطلاق النار، وخنقه اقتصاديا وجعل تواصله مع محيطه الإفريقي بحريا وحسب وذي كلفة عالية، وفي نفس الوقت جعل موريتانيا تحت الضغط الشديد وتحت رحمة العسكر الجزائري ومليشيات بوليزاريو التي كانت قد ضربت في قلب العاصمة نواكشوط في زمن مضى.

ذلك أن الكمشة التي دفع بها لإغلاق معبر الكركرات وتخريب الطريق ببدائية وكره للحضارة والتقدم قد سخرت لتهيئ الأرض وقياس رد الفعل، المغربي أولا والموريتاني ثانيا، قبل جلب فلول الانفصاليين ومعهم عناصر التوجيه والتأطير الجزائرية لفرض الأمر الواقع بشكل مستدام مع الاستمرار في الصراخ والتباكي والتشكي من خرق حقوق الإنسان وغير ذلك. وقد كان تزامن تحرك تلك الكمشة نحو ممر الكركرات والإعلان عن تأسيس جمعية أميناتو حيدر بالعيون واضح الدلالة على التحضير لما هو أسوأ من إكديم إزيك، لكن وكما يقال "اللي فراس الجمل فراس الجمالة". فقد تركتهم الدولة المغربية يلعبون لعبتهم "البايخة" لتظهر كل النوايا ومراحل اللعبة، وجعلت العالم يراقب ويعرف ويتأكد من الخلفيات ومن المحركين الحقيقيين وغاياتهم الخبيثة وخطر تصرفاتهم غير المحسوبة على المنطقة برمتها، وحتى على انفسهم مادام أي تدهور خطير للوضع الإقليمي سيجعل الجزائر عارية، قبل أن تتدخل بذكاء كبير في إطار عملية أمنية وليست عسكرية أنهت اللعبة وأن تقوم، وبشكل يحترم الالتزامات مع الأمم المتحدة، ببناء جدار يحمي حركة تنقل الشاحنات والسيارات والسلع والأشخاص ويؤمنها بشكل نهائي وبالتالي جعل محركي اللعبة يتكبدون الخسارة، على المدى البعيد، هناك حيث كانوا يعتقدون أنهم يتجهون نحو الربح وجعل المغرب محاصرا لا خيار أمامه سوى البحر.

وقد كانت خسارتهم متعددة الأبعاد، ولعل أكثرها أثرا هو التحول الكبير الذي حصل على مستوى الشارع الموريتاني الذي واجه خلال اسابيع ندرة في عدد من المواد الاستهلاكية وارتفاع أثمانها بأضعاف ووعى جيدا أن من أغلقوا معبر الكركرات كانوا يرغبون في ذلك ويسعون إليه، كما وعوا أن المعبر الذي فتحته الجزائر مع موريتانيا بنية ممارسة الضغط على معبر الكركرات لا يمكن أن تأتي منه السلع التي يحتاجها المواطن الموريتاني، وإنما يمكن أن تأتي منه الأخطار المهددة لاستقرار وسيادة هذا البلد الشقيق ولشريانه الاقتصادي الرئيسي. فقد فهم الموريتانيون الابتزاز، وهذا ما عبر عنه العديدون.

هذه ليست مشاكل نظرية أو إيديولوجية يمكن أن تناقش كيفما اتفق في حلقات من النوع القديم وإنما هي مشاكل لها صلة وثيقة بوجود الوطن وبوجودنا كمواطنين مغاربة وبحسابات المصلحة الوطنية وبالتوازن والسلم الإقليمي، ومن لا يحسب للوطن حسابا لأنه ايديولوجيا لا يتنازل عما ألفه وتعود عليه وترسخ لديه وارتاح له فالوطن لن يأبه به.