قضايا

كوفيد-19.. عملية التلقيح المكثفة تجسيد عملي للرؤية الطليعية للملك محمد السادس

كفى بريس: (وم ع)

تعززت المقاربة الاستباقية ومتعددة الأبعاد التي اعتمدها الملك محمد السادس، لمواجهة تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وتقليص حجم تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، بالقرار الأخير لجلالته اعتماد مجانية عملية التلقيح ضد هذا الوباء لفائدة جميع المغاربة.

وتترجم هذه الالتفاتة الملكية، الرؤية المتبصرة والطليعية للملك محمد السادس، والعناية السامية التي ما فتئ جلالته يحيط بها كافة مكونات الشعب المغربي، وكذا الإرادة الملكية القوية لتوفير الظروف المناسبة لعودة المواطنين تدريجيا، بفضل الله، لممارسة حياتهم العادية في طمأنينة وأمان19

وكان الملك محمد السادس، أعطى في 8 دجنبر الجاري تعليماته السامية للحكومة قصد اعتماد مجانية التلقيح ضد وباء كوفيد-19 لفائدة جميع المغاربة، في مبادرة تروم تحصين الساكنة ضد فيروس كوفيد- 19 الذي أصاب، إلى غاية منتصف شهر دجنبر 74 مليون شخص بالعالم، وحصد أرواح أكثر من 6ر1 مليونا آخرين.

وجاء هذا القرار بعد قرار آخر للملك في 9 من نونبر الماضي، يتعلق بإطلاق عملية مكثفة للتلقيح ضد الفيروس ينتظر أن تشمل المواطنين الذين تزيد أعمارهم عن 18 سنة حسب جدول لقاحي في حقنتين.

وستعطى الأولوية في هذه العملية، على الخصوص، للعاملين في الخطوط الأمامية، وخاصة منهم العاملون في مجال الصحة والسلطات العمومية وقوات الأمن والعاملون بقطاع التربية الوطنية، وكذا الأشخاص المسنون والفئات الهشة للفيروس، وذلك قبل توسيع نطاقها على باقي الساكنة.

وكان الملك أعطى توجيهاته للسلطات المختصة للسهر على الإعداد والسير الجيدين لهذه العملية الوطنية واسعة النطاق، سواء على المستوى الصحي أو اللوجيستيكي أو التقني.

كما دعا الملك إلى تعبئة جميع المصالح والوزارات المعنية، ولا سيما العاملين بقطاع الصحة، والإدارة الترابية والقوات الأمنية، وكذا الدعم الضروري للقوات المسلحة الملكية، وفقا للمهام المنوطة بها من طرف صاحب الجلالة القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، في إطار محاربة كوفيد -19.

وتأتي هذه المبادرات الملكية لتنضاف إلى تلك التي أطلقها الملك محمد السادس منذ ظهور أولى حالات العدوى بالعالم وبالمغرب.

ففي إطار تتبع الملك لتطور الجائحة والتدابير المتخذة لمكافحة انتشارها وحماية حياة وصحة أفراد شعبه الوفي بالمغرب وخارجه، أعطى جلالته في شهر يناير الماضي تعليماته السامية لإعادة مائة مواطن مغربي، شكل الطلبة أغلبيتهم، كانوا بإقليم ووهان الصيني، الذي وضعته السلطات الصينية آنذاك تحت الحجر الصحي، بسبب تفشي فيروس كورونا، إلى أرض الوطن.

وفي إطار الدينامية الملكية الرامية إلى الحد من تفشي هذا الوباء والتصدي للتداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للأزمة الناجمة عنه، أعطى الملك في 15 مارس الماضي، تعليماته السامية للحكومة، قصد الإحداث الفوري لصندوق خاص بتدبير جائحة فيروس كورونا. وينبع إحداث هذا الصندوق الذي رصدت له في البدء اعتمادات مالية بقيمة 10 ملايير درهم، من قيم التقاسم والتعاون التي ميزت على الدوام الشعب المغربي، وإرادة جلالته ضخ زخم من التعاون لدعم المجهود الوطني في مكافحة كوفيد-19 وتقليص تأثيره الاقتصادي والاجتماعي.

يومان بعد ذلك، ترأس الملك محمد السادس، جلسة عمل، استفسر خلالها وزير الصحة عن آخر تطورات الوضعية الصحية بالمملكة، والطاقة الاستيعابية للمستشفيات والوحدات الصحية، بمختلف جهات المملكة، والتدابير المتخدة للاستجابة لاحتياجات المواطنين في ما يخص السلامة الصحية، بما في ذلك مواد التعقيم والأدوية.

وحرصا على الرفع من قدرات المنظومة الصحية الوطنية في مواجهة هذا الوباء، كان الملك، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، أصدر تعليماته السامية للمفتش العام للقوات المسلحة الملكية قصد وضع المراكز الطبية المجهزة، التي سبق لجلالته أن أمر بإحداثها لهذا الغرض، بمختلف جهات المملكة، رهن إشارة المنظومة الصحية بكل مكوناتها، إن اقتضى الحال وعند الحاجة.

وشكل هذا الاجتماع مناسبة، لاستعراض مدى تنفيذ الإجراءات التي تم اتخاذها، بتوجيهات سامية من جلالته، والتي همت إغلاق المجال الجوي والبحري المغربي أمام المسافرين، وإلغاء التجمعات والتظاهرات الرياضية والثقافية والفنية، وإحداث صندوق خاص بتدبير جائحة فيروس كورونا، وتوقيف الدراسة بالمدارس والجامعات، والإغلاق المؤقت للمساجد، وتعليق الجلسات بمختلف محاكم المملكة، إضافة إلى مجموعة من الإجراءات التي بادرت لاتخاذها السلطات المختصة في مجالات النقل العمومي وإغلاق المحلات العمومية غير الضرورية.

كما وجه الملك السلطات المختصة للسهر على حسن تطبيق التدابير الناجعة المتخذة في مجال ضمان تزويد الأسواق عبر التراب الوطني، بجميع المواد الغذائية والاستهلاكية، وبمواد التطهير والتعقيم، بصفة منتظمة ومتواصلة، ومحاربة مختلف أشكال الاحتكار والزيادة في الأسعار. كما أصدر الملك، في السياق نفسه تعليماته السامية لرئيس الحكومة ولجميع القطاعات المعنية، باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة، والإعداد لمرحلة جديدة، إن اقتضى الحال ذلك.

وبهدف تعزيز قدرات المنظومة الصحية الوطنية لمواجهة هذه الجائحة، أعطى الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تعليماته السامية للجنرال دو كوردارمي عبد الفتاح الوراق المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، والجنرال دو كوردارمي محمد حرمو قائد الدرك الملكي، ومفتش مصلحة الصحة العسكرية للقوات المسلحة الملكية الجنرال دو بريغاد محمد العبار، بتكليف الطب العسكري بشكل مشترك مع نظيره المدني بالمهمة الحساسة لمكافحة وباء كوفيد19.

من جهة أخرى، وبهدف التغلب على بعض أشكال الخصاص الذي تمت معاينته في محاربة هذا الوباء، وتسهيل نقل وتبادل المعلومات بين مختلف المصالح المعنية، أعطى الملك تعليماته السامية لتعبئة وسائل الطب العسكري لتعزيز الهياكل الطبية المخصصة لتدبير هذا الوباء، من خلال الطاقم الطبي وشبه الطبي للقوات المسلحة الملكية، وذلك ابتداء من الاثنين 23 مارس 2020.

وتطبيقا للتعليمات الملكية السامية، تمت أيضا تعبئة المصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي في هذه العملية. وحث الملك، في هذا السياق الخاص، الأطباء المدنيين والعسكريين على العمل في إطار من التعاون و التفاهم التامين ، كما هو معهود فيهم، لأن الأمر يتعلق بصحة المغاربة والأجانب الموجودين بالمغرب.

هذه العناية الموصولة التي يحيط بها الملك رعاياه الأوفياء والإرادة الراسخة لجلالته في حماية صحتهم وسلامتهم تجسدت أيضا من خلال إصدار جلالته عفوه السامي على 5654 معتقلا تم انتقاؤهم بناء على معايير إنسانية وموضوعية مضبوطة، تأخذ بعين الاعتبار سنهم، وهشاشة وضعيتهم الصحية، ومدة اعتقالهم، وما أبانوا عنه من حسن السيرة والسلوك والانضباط، طيلة مدة اعتقالهم.

وإجمالا، فإن عزم الملك السادس، على مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، لا يعادله سوى إرادة جلالته الراسخة في حماية صحة وسلامة المواطنين والسهر على راحتهم وطمأنينتهم.