رأي

أحمد عصيد: من أجل دورة تكوينية لبعض قياديي "البيجيدي"

يبدو أن حزب “العدالة والتنمية” بحاجة ماسة إلى عقد دورات تكوينية لبعض قيادييه وأعضائه، بسبب ما عبروا عنه من مراهقة سياسية لا تليق بحزب يرأس الحكومة، وقد سبق لي أن عبرت منذ سنة 2012 عن موقف مفاده أن حزب “العدالة والتنمية” جاءت به رياح "الربيع الديمقراطي" إلى رئاسة الحكومة دون أن يكون مستعدا لذلك، بسبب النقص الكبير الذي كان يعاني منه في الأطر ذات الكفاءة، وهو ما تأكد بعد ذلك وما زال يتأكد إلى الآن.

فقيام أحد وزراء الحزب ـ متناسيا موقعه في الحكومة ـ بالتصريح لقناة تلفزية معادية للمغرب بما يفيد عكس الاختيارات السيادية التي اتخذتها الدولة والحكومة المغربيتين، متناسيا تواجده في حالة تناف بين موقعه كوزير وصفته كرئيس شبيبة حزبه، وتصريح أحد برلمانيي الحزب نفسه بما يفيد أن توقيع الرئيس الأمريكي على مغربية الصحراء لا قيمة قانونية له وأنه سيزول بذهاب الرئيس، معبرا عن جهل مطبق بقوانين الدولة الأمريكية وصلاحيات الرؤساء الأمريكيين والتزاماتهم، ومضللا أتباعه بكلام كثير أقرب إلى الهذيان والخرافات والأخطاء المعرفية منه إلى الآراء والمواقف الشخصية، وأن يطالب أعضاء من الحزب ذاته بعزل الأمين العام سعد الدين العثماني بعد توقيعه أمام الملك على اتفاقية استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، ما يظهرهم فاقدين لأي حس سياسي، وممارسين لنوع من النفاق الواضح والشعوبية التي لا تنفع، ما داموا يعلمون أن حزبهم يرأس الحكومة في ظل ملكية تنفيذية يخضع فيها لتعاقد تقبله منذ البداية وتحمل تبعاته.

كل هذه المواقف تظهر ارتباكا كبيرا لدى حزب المصباح يدل على عدم استعداده للتقلبات الصادمة التي تحملها رياح السياسة، فهو يريد الرقص مع وضع خمار على وجهه، بينما للرقص قواعد قبلها الحزب يوم قرر خوض غمار السياسة، لكن من المؤكد أن الضربات التي ما فتئ يتلقاها وهو يشارك في تدبير الشأن العام كفيلة بأن توقظ قيادته من سباتها، وتجعله يميز بين أحلام أهل “الدعوة” الذين لهم الحق في الحلم، وبين منطق التدبير السياسي الذي هو مجال الحنكة والدهاء وليس العواطف الرومانسية.

أما لعبة القبعات القديمة التي مارسها بنكيران خلال ولايته السابقة، فقد انتهى مفعولها ولم تعد موضع ثقة حتى لدى الاتباع والمريدين.