على باب الله

نهاية الهدم ... بداية البناء

المصطفى كنيت

على الذين ساهموا في تفريخ دور الصفيح لأسباب انتخابية، ووفروا كل الشروط لبقائها، رغم البرامج التي سطرتها الدولة للقضاء على السكن غير اللائق،  أن يتحملوا، اليوم، كل مسؤولياتهم، لا أن ينحنوا حتى تمر عاصفة الهدم،   ويصموا آذانهم عن صرخات المتضررين، بدعوى أن القرار من " فوق" وأن لا حيلة لهم أمام  إرادة وقرارات السلطات المختصة، بعدما توفر لها يقين تام، أن المجالس التي اضطلعت بمهمة إعادة إيواء سكان "البراريك" هي الأكثر حرصا على  استمرارها، تارة باسم غياب الوعاء العقاري وتارة باسم ضعف الميزانية وقلة الإمكانيات، وغيرها من المبررات التي تسعى إلى إخفاء " غابة" الاستغلال السياسي لقاطني هذه الدور عن طريق الوعود التي تنهار اليوم على أيادي السلطة.

الأكيد أن هؤلاء المواطنين هم مجرد ضحايا:

ضحايا تأجيل المجالس لمشاريع التنمية، والتفرغ لحسابات الربح والخسارة والصراعات السياسية والمصالح الشخصية على حساب الصالح العام.

وضحايا أنفسهم، لأنه صدقوا الوعود "الكاذبة" لمنتخبين يعدونهم بقرب توزيع البقع الأرضية كلما اقترب موعد الانتخابات.

وحين تتدخل السلطة اليوم فإنها لا تهدم البراريك فقط، ولكنها، في العمق،  تحطم سلسلة من المفاسد التي ترتبط بالممارسة الانتخابية، حذرت منها في أكثر من مناسبة أعلى سلطة في البلاد.

غير أن "التربية" التي ازدهرت، في ظل هذا الوضع، دفعت دائما الى تفاقم النزعة الانتهازية، فأجهضت محطة الانتخابات من محتواها الديمقراطي، وتحولت من لحظة ل "المحاسبة" ( محاسبة المنتخب) إلى فرصة للاستفادة، مع ما يصحب كل ذلك من مساومة يغلفها خطاب تبريري يحمي الفساد ويزكي استمراره.

لقد استفاد قاطنو دور الصفيح من كل الامتيازات، لأسباب انتخابية، بدءا من الربط بالكهرباء، خارج القانون، والماء الصالح للشرب، خارج القانون، وأحيانا الربط بشبكة التطهير خارج القانون، و بلغة الشارع (بيلكي)، على حساب مواطنين ظلوا دائما يؤدون فاتورة هذه الخدمات، وذلك بتشجيع من المنتخبين، وتحت حمايتهم، دون أن يهمهم ما يلحق ذلك بالدولة من خسائر، وما يكرسه من لا مساواة بين المواطنين.

وحين تتدخل السلطة، فإنها، في الحقيقة، تضع حدا لمسلسل طويل من الاستغلال، وتسعى أن تعيد لهؤلاء المواطنين كرامتهم، التي أهدرت لسنوات طويلة، بدون شفقة، من طرف الأيادي القذرة...

إن عملية الهدم تضع حدا ل" الأوهام" التي انتفخت في كل المواعيد الانتخابية، والرؤى الكاذبة، التي لن تعيد لأعمى بصره.

نهاية الهدم هي بداية البناء، و بينهما لحظة فراغ تتطلب تضافر جهود الجميع من أجل أن لا يظل المتضررون في العراء.