سياسة واقتصاد

مندوبية التخطيط... الازمة الصحية سلطت الضوء على هشاشة الوضع للمشتغلين في القطاع غير المهيكل

كفى بريس

أفادت المندوبية السامية للتخطيط، بأن الأزمة الصحية الحالية سلطت الضوء على هشاشة الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي للمشتغلين في القطاع غير المهيكل، وأهمية المساعدات المالية لدعم القدرة الشرائية للقوى العاملة فيه.

وحسب دراسة للمندوبية تحت عنوان "القطاع غير المهيكل : الخصائص الرئيسية ووتيرة التطور"، فإنه بالرغم من الدور الذي تلعبه وحدات القطاع غير المهيكل في التخفيف من حدة البطالة ونقص الدخل، فإن هيكلها التشغيلي وإنتاجيتها لا يسمحان بالتنمية الاقتصادية، ولا يوفران حماية اجتماعية في مواجهة الأزمات الاقتصادية.

وأبرزت دراسة المندوبية، أنه من أجل تعزيز مرونة هذا القطاع وتحسين أدائه الاقتصادي، من الضروري تبني استراتيجية وطنية خاصة بأنشطة القطاع غير المهيكل، تعتمد على نهج متكامل ومتناسق، وتتضمن عدة أبعاد من بينها التنظيم والتمويل التسويق والتدريب، والحماية الاجتماعية وإصلاح النظام الضريبي، وخاصة ما يتعلق بآلية ضريبة القيمة المضافة، وتحسين الإطار المؤسساتي، لاسيما من حيث تبسيط وتكييف الأنظمة المعمول بها.

ووفق الدراسة، فإن إنشاء وحدات الإنتاج غير المهيكل عرفت تطورا مهما خلال الفترة ما بين 1999 و2006، حيث سجل ارتفاعا بنسبة 2.9%كمعدل سنويا، وانخفضت هذه الوتيرة بين 2007 و2013 لتسجل معدل نمو لا يتجاوز 1.3 في المائة، كمتوسط سنوي.

وأشارت مندوبية الحليمي، إلى أن الأنشطة الصناعية، وخاصة قطاع النسيج والملابس والجلود والأحذية، هي الأقل جاذبية فيما يخص إنشاء وحدات الإنتاج غير المهيكل، حيث تراجعت حصة التشغيل في هذه الصناعة لتصل الى 7.3 %سنة 2013 عوض 12.49%خلال 2007.

واوضحت الدراسة، أنه أخذا بعين الاعتبار أن أكثر من ثلثي المبيعات في القطاع غير المهيكل مخصصة للأسر، فإن انخفاض العاملين بقطاع النسيج يعكس تقلص حصته في الأسواق المحلية، كنتيجة لتعزيز مكانة المنتجات الصينية.

وكشفت أن إنشاء وحدات الإنتاج غير المهيكل ارتفع في قطاعات الخدمات، خاصة ضمن فرع النقل والاتصالات و أيضا في مجال الإيواء والمطاعم، فيما حافظت أنشطة التجارة على دورها كمحرك رئيسي للاقتصاد غير المهيكل في المغرب حيث تشغل 50.6%من القوة العاملة.

المندوبية أكدت أيضا، أن وحدات الإنتاج غير المهيكل شهدت تطورا طفيفا في هيكلة عمالها على مدى العقود الثلاثة الماضية، ومع ذلك ظل العاملون لحسابهم الخاص يمثلون الفئة المهنية الأكثر أهمية، بزيادة قدرها 489 ألف و 620 خلال الفترة الممتدة ما بين 1999-2013 .

كما أبرزت دراسة المندوبية، أن العمل المستقل هو الشكل السائد بين هؤلاء العاملين لحسابهم الخاص، ففي عام 1999 كانت 4770 في المائة  من وحدات الإنتاج غير المهيكل تتألف من شخص واحد، وارتفعت نسبة وحدات الإنتاج غير المهيكل التي تخص شخصا واحدا فقط، لتصل إلى %74.9 في عامي 2007 و2013 ، فيما شهدت وحدات الإنتاج غير المهيكل التي توظف أكثر من شخصين انخفاضا في نسبتها من 29.57 في المائة سنة 1999 إلى 25.1%سنة 2013 ، أما فيما يخص القوة العاملة، كان توجه العمال في القطاع غير المهيكل نحو البناء والخدمات أكثر أهمية بهدف زيادة الدخل.

وأوضحت أن العاملين بهذا القطاع يختارونه كمصدر رئيسي للدخل، وترتبط الأسباب الرئيسية لإنشاء وحدات الإنتاج غير المهيكل بالدخل واحتياجات معيشة الأقارب، كما تظهر الخصائص الاجتماعية والديموغرافية لعاملين في القطاع غير المهيكل أن جلهم أرباب أسر. ويخص التشغيل غير المهيكل الذكور بنسبة 89.5 في المائة وخصوصا بعد سن الأربعين، بينما يجذب الشباب دون سن 35 عاما بشكل أقل.

وأشارت الدراسة كذلك، إلى أن غالبية العاملين في القطاع غير المهيكل ليس لديهم شواهد، ففي عام 1999 كان 82.66%من العمال في القطاع غير المهيكل لديهم مستوى أولي أو أقل مقارنة بـ 66.5%في عام 2013.

موضحة أن المكون الضريبي الرئيسي الذي يؤثر على القطاع غير المهيكل، هو الضريبة على القيمة المضافة بشكل أساسي وليس الضريبة على الأرباح، حيث يقوم رؤساء وحدات القطاع غير المهيكل بتوريد إمداداتهم من وحدات انتاجية لا تعلن أو تعمل بدورها في القطاع غير المهيكل دون استعمال فاتورة، مما يخولها من تجنب أداء ضريبة القيمة المضافة، ويعزى هذا الوضع إلى تدني الشمول المالي لهذه الوحدات ونقص السيولة، وهو العائق الرئيسي لهذه الوحدات، والتي تتميز بهشاشتها وعدم انتظام إيصالاتها المالية.

وأضافت أن تغيرات الحد الأدنى للأجور تؤثر أيضا على القطاع غير المهيكل، فغالبا ما تجبر الزيادة المهمة في الحد الأدنى للأجور الشركات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة التي تؤثر تكاليف رواتبها بشكل كبير على أداءها، مما يدفعها لتقليل قوتها العاملة أو عدم الإعلان عنها وبالتالي، في حالة عدم وجود تدابير مصاحبة، يلجأ العاملون المستغنى عنهم لأحداث وحدات جديدة للقطاع غير المهيكل.

ووفق المندوبية، فإن الأنظمة الملزمة مثل القوانين والمستندات التي يتعين توفيرها والإجراءات المتعددة التي يتعين إكمالها لإنشاء الشركات الصغيرة مكلفة من حيث الوقت أو المال، وهي معقدة بالنظر إلى مستوى تعليم رؤساء وحدات القطاع غير المهيكل، وبالتالي، من الواضح أن تحسن الإطار المؤسساتي تنظيميا، والتقليل من تعقيداته لإحداث المقاولات المنظمة، سيساهم في التخفيف من وتيرة تطور أنشطة القطاع غير المهيكل.

وخلصت أنه إذا لم يقترن النمو الاقتصادي بتحول هيكلي وإعادة توزيع أفضل للثروة، فلن يتم تقليل نشاط القطاع غير المهيكل بشكل عام، بل من الممكن افتراض أن حصة أنشطة القطاع غير المهيكل في الاقتصاد من وجهة نظر الناتج المحلي الإجمالي، قد تكون بمثابة مؤشر على هيمنة الأنشطة منخفضة الإنتاجية.