رأي

مصطفى المريزق: المتزلفون هم من يكذبون على جلالة الملك

يشهد الفضاء العام المغربي اليوم ، أكثر من أي وقت مضى، نقلة وتحولا عميقا على مستوى أخطر أشكال تفشي النفاق السياسي، وتجديد آلياته القائمة على المكر و الخداع والتضليل و الافتراء و الكذب حتى على رئيس الدولة الملك محمد السادس، الذي أماط اللثام عن أسرار فشل الأحزاب السياسية، حين فضح عجزها على تقديم نموذج تنموي، و يوم كشف المتزلفين و مسؤوليتهم  في تزكية وترشيح "مول الشكارة " و من يركع ويسجد  لهم، ومن يحافظ على  مصالحهم، ومن يعبد الطريق لهم لمناصب عليا أو سامية أو لكراسي حكومية أو برلمانية دون أي كفاءة أو تجربة أو خبرة أو مستوى ثقافي أو علمي أو دراسي.

هؤلاء المتزلفون معروفون..يركبون اليو م على الأحداث..مستغلين ضعفنا وحياءنا وأخلاقنا وقيمنا الحقوقية والانسانية..لنيل مصالحهم الشخصية واستغلال كل فرص قد لا تعود…

هؤلاء المتزلفون تسللوا للوصول إلى الحظوة والمكانة دون أهلية تمكنهم من الزعامة أو تحمل المسؤولية…

هؤلاء المتزلفون،  كما يشهد عليهم تاريخهم، يكذبون على الوطن والشعب، وكأن الانتقادات التي وجهها الملك في السابق للأحزاب السياسية غير موجهة إليهم..

هؤلاء المتزلفون، سلاحهم هو الوشاية والطعن في الآخرين، والوصول إلى مبتغاهم بالخداع والكذب والترهات، وهم في الأصل جبناء  ومنافقون..وخبراء في قتل طموح الآخرين وتخوينهم والتضييق على ابداعاتهم واجتهاداتهم..

هؤلاء المتزلفون، يكذبون على الملك والوطن والشعب، يستبلدون ذكاءنا الجماعي، وكأنهم غير معنيين وغير مسؤولين بفشلهم السياسي و باختلالات السياسات العمومية، وضعف أداء النخب المدبرة للشأن الحزبي ببلادنا…

هؤلاء المتزلفون عاجزون على تقديم حصيلتهم، وعلى تقديم تصورهم الاستراتيجي لانقاذ بلادنا من تداعيات الأزمة الصحية والاجتماعية…ينتظرون النموذج الملكي للتنمية..ينتظرون تفعيل المشروع الملكي لمنظومة الحماية الاجتماعية..ويختبؤون وراء الملك في كل صغيرة وكبيرة..

هؤلاء المتزلفون منافقون..ينتظرون اعطاء الاشارة لخوض الانتخابات، لا تهمهم إلا التزكية للترشح و الفوز بالأصوات و بالمقاعد تلبية لرغبة أصحاب المال والجاه والكائنات الانتخابية وسماسرة الانتخابات..بغض النظر عن المسار النضالي للمرشح أو مستواه الدراسي والمعرفي والثقافي أو مكانته الأخلاقية والوطنية داخل المجتمع…

هؤلاء المتزلفون يهددون الوطن، يصنعون زعامات من الكارطون، ويفرزون "كائنات الشكارة الانتخابية" في كل ربوع الوطن بمجالسه الجماعية  والإقليمية والجهوية بدون  ضمير ولا حس وطني..

هؤلاء المتزلفون، لا برنامج سياسي لهم، ولا خطاب مواطن حداثي وديمقراطي لهم، لا ايديولوجية ولا رؤية لهم..ولا أخلاق  ولا مبادئ لهم…

فأمام هذا العبث، نطالب بتأجيل الانتخابات..ونطالب بوقف تمويل الأحزاب..إلى حين فتح نقاش عمومي حول من يتحمل المسؤولية في تزكية "كائنات الشكارة الانتخابية ".. وحتى يفتح تحقيق حول من يتحمل المسؤولية في تهميش واقصاء النساء والشباب والكفاءات والنخب وأصحاب العلم والمعرف…

إن مغرب المستقبل، لا يمكن أن نصنعه بالكذب على الملك وبمتزلفين لا يعترفون إلا بمن يركع  لهم ويسبح بحسبهم ونسبهم وجاههم وسلطتهم..ضد  مقتضيات الدستور الجديد ومبادئ القانون المنظم للأحزاب السياسية…

نريد ونطالب بتأجيل الانتخابات إلى حين الوقوف على عيوب وعجز وأعطاب الأحزاب السياسية وفشلها في تقديم بدائل حقيقية لمناهضة التفاوتات الاجتماعية وتمتيع المواطنات والمواطنين من الحق في الثروة الوطنية ومن تحقيق العدالة الاجتماعية والاجتماعية ومن الحق في البنيات الأساسية (التعليم، الصحة، الشغل والسكن) لمغاربة الحاشية السفلى/ مغاربة الجبل والواحات والسهوب والسهول وضواحي المدن الكبيرة والمتوسطة.. 

نريد ونطالب بتأجيل الانتخابات، حتى تفتح الأحزاب السياسية أبوابها ونوافذها للمبادرات الجماهيرية وللنخب والكفاءات الوطنية، وحتى تسترجع الثقة المفقودة والمصداقية المشوهة، وحتى تقتنع بما طالب به الملك من اصلاحات جذرية وسياسية تمس البنية التنظيمية والادارية والاجتماعية والاخلاقية الحزبية، وحتى تؤمن ذات الأحزاب السياسية بضخ الدماء الجديدة على مستوى المؤسسات المنتخبة والهيآت الحزبية والنقابية والسياسية والاقتصادية والثقافية والإدارية…

نستحضر خطاب عيد العرش لسنة 2019 لنقول لهؤلاء السياسيين المتزلفين  كفى..

كما نستحضر خطاب العرش لسنة 2017 لنقول مع الملك: ما جدوى وجود المؤسسات؟ وإجراء الانتخابات؟ وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصل؟ إذا كانون هم في واد والشعب وهمومه في واد آخر؟

 أخيرا، المتزلفون يشجعون، ليل نهار، على العزوف عن الانخراط في العمل السياسي وعن المشاركة في الانتخابات، لأنهم بكل بساطة يمقتون طبقة الكفاءات والأطر، ولأنهم أفسدوا السياسة، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل…