مجتمع وحوداث

بالفيديو .. أدلة تكشف تمويل الإرهابي علي أعراس لحركة المجاهدين في المغرب بالأسلحة

كفى بريس

تمكنت المؤسسات الأمنية منذ سنة 2002، في إطار حربها المتواصلة على "صناعة الموت" من تفكيك أزيد من 200 خلية إرهابية، معتمدة في مقاربتها على ركيزتين أساسيتين اليقظة والاستباقية.

وعلى امتداد هذه السنوات كلها تنوعت الخلايا الإرهابية التي استهدفت المغرب واختلفت درجة خطورتها من حيث طبيعة تشكيلها وامتداداتها ومن حيث حجم إمكانياتها وعدد أفرادها ونوع الأسلحة والمواد التي كانت تتوفر عليها.

وفي هذا المقال سنتحدث عن حركة المجاهدين في المغرب كإحدى أخطر التنظيمات الإرهابية التي كادت أن تحول المغرب إلى حمام دم لولا يقظة المؤسسات الأمنية بالمملكة التي تمكنت من تفكيكها وإنهاء نشاطها في يوم الخامس من شهر ماي سنة 2012.

وتأسست هذه الحركة الإرهابية، سنة 1978 على يد شخص يدعى عبد العزيز النعماني، وكانت تنشط داخل المغرب وخارجه، إلا أنه مع وفاة مؤسسها سنة 1984 لم يعد أحد يتحدث عنها، حتى سنة 1994 بعد اعتقال شخص يدعى عبد الإله زياد، تورط في تفجير استهدف فندق أطلس أسني بمراكش، ليتبين بعدها أن الأمر يتعلق بتنظيم جديد ليس حركة المجاهدين.

وعاد اسم الحركة ليطفو على السطح من جديد في خضم الاعتقالات التي تلت أحداث 16 ماي 2003، التي عاشتها مدينة الدار البيضاء، ليتضح حينها أن هذا التنظيم لا يزال موجودا.

ومكنت أبحاث دقيقة بناء على معلومات وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من التوصل إلى المتورطين في التفجيرات المرعبة، حيث قادت الاعتقالات إلى إسقاط مجموعة من الأشخاص لهم صلة مباشرة بالأحداث الإرهابية وآخرون كانوا بصدد الإعداد لهجمات أخرى.

ومن مفاجآت التحقيقات الدقيقة التي قادتها المؤسسات الأمنية، كشف تورط مواطن فرنسي يدعى روبير ريتشارد بيير أنطوان، أحد المشرفين على تدريب مجموعة من الانتحاريين كانوا بصدد الاستعداد لتنفيذ تفجيرات مماثلة.

وكان من بين الموقوفين من مجموعة المواطن الفرنسي، أمير حركة المجاهدين في المغرب حينها، محمد النوكاوي، الذي كان مبحوثا عنها بعد أن حكم عليه بالمؤبد غيابيا، وعثر بحوزته على أسلحة نارية عبارة عن مسدسين ورشاش من نوع كلاشينكوف بالإضافة إلى ذخيرة حية.

وخلال التحقيقات كشف محمد النوكاوي أن المدعو علي أعراس هو الذي أدخل تلك الأسلحة إلى المغرب، لكونه كان المسؤول عن تسليح الحركة الإرهابية وعن تمويلاتها ببلجيكا، مشيرا إلى أنها كانت تخطط لاغتيال عدد من الشخصيات البارزة بالمغرب.

وذكر المعتقل الإسلامي السابق، عبد الرزاق سوماح، أن علي أعراس انضم إلى حركة المجاهدين سنة 1981، مشيرا إلى أنه التقى به مرات عديدة في فرنسا وبلجيكا والمغرب وكان المسؤول عن الجانب اللوجيستيكي والتسليح للحركة حيث كان أول من أدخل مجموعة من الأسلحة إلى المملكة مستعينا بخبرته العسكرية.

ودفعت هجمات الـ 16 من ماي، المؤسسات الأمنية بالمغرب إلى إعادة النظر في طريقة اشتغالها خصوصا مع تنامي خطر الإرهاب في تلك الفترة، فأصبح الرد على من يتربص بأمن المغاربة هو استباق الضربات قبل وقوعها.

وفي هذا الصدد، مكنت المعلومات الدقيقة التي وفرتها مديرية مراقبة التراب الوطني سنة 2008 من تفكيك أخطر الشبكات الإرهابية والتي عرفت إعلاميا بخلية بلعيرش، نسبة إلى زعيمها عبد القادر بلعيرش، الذي لم يكن سوى أحد أعضاء حركة المجاهدين في المغرب قبل أن يقرر تأسيس شبكة خاصة مكونة من مغاربة مقيمين ببلجيكا وآخرون بالمغرب.

وأكد وزير الداخلية آنذاك، شكيب بنموسى، أن معلومات دقيقة بينت أن بلعيرش تشبع منذ السبعينات بأفكار التنظيمات الراديكالية الإسلامية من بينها جماعة الإخوان المسلمين والطلائع الإسلامية وحزب التحرير الإسلامي، وانخرط سنة 1980 في صفوف الحركة الثورية الإسلامية المغربية ثم التحق بحركة المجاهدين في المغرب سنة 1982.

وتجلت خطورة شبكة بلعيرش في كمية ونوعية الأسلحة النارية التي حجزت بحوزة عناصرها، وفي طبيعة المخططات التي كانت تسعى إلى تنفيذها في المغرب، حيث مكنت الأبحاث من حجز ترسانة من الأسلحة وكميات مهمة من الذخيرة كانت مكونة من 9 بنادق كلاشينكوف وبندقيتين من نوع أوزي وسبع مسدسات رشاشة من نوع سكوربيون و16 مسدسا أوتوماتيكيا. 

وكل هذه الأسلحة كان المسؤول الوحيد عن إدخالها إلى المغرب، هو علي أعراس، الذي أوقف من طرف السلطات الإسبانية سنة 2008 وترحيله إلى المغرب سنة 2010، بناء على مذكرة بحث دولية أصدرها المغرب في حقها، حيث انتهت فصول محاكمة أعراس بإدانته بالسجن النافذ 12 سنة.

وفي إطار متابعة البحث في القضية ذاتها، تم التحقيق في شهر مارس سنة 2010 مع الجزائري محمد بنرابح بنعتو الذي تم ترحيله من بلجيكا بناء على مذكرة بحث دولية أصدرتها السلطات المغربية بعد تأكد تورطه بقضية علي أعراس.

وأكد الجزائري بنعتو أنه اشترى بمعية علي أعراس سنة 2005 ترسانة مهمة من الأسلحة والقطع الحربية من طرف مهرب سلاح كرواتي يقيم ببروكسيل، كانت عبارة عن 50 مسدسا وعسرات كلاشينكوف إلى جانب المتفجرات والقنابل اليدوية.

وقد تبين من خلال التحقيقات أن عبد القادر بلعيرش هو من لعب دور الوسيط بين الجزائري بنعتو وتاجر السلاح الكرواتي فيما قام أعراس بتمويل الصفقة.

وبعد تكثيف الأبحاث بناء على معلومات دقيقة لمديرية مراقبة التراب الوطني، أعلنت السلطات الأمنية سنة 2012 عن تفكيك التنظيم الإرهابي لحركة المجاهدين بالمغرب وإلقاء القبض على باقي أعضائها وحجز الأسلحة النارية التي استقدمها علي أعراس من بلجيكا وخبأت في ضيعات فلاحية ضواحي تيفلت ومنطقة سبع عيون.

كما مكنت التحقيقات من حل لغز اختفاء أمير سابق للتنظيم يدعى علي البوسغيني، حيث عثر على رفاته مدفونا في إحدى الضيعات المذكورة، بعد أن كان مطاردا من قبل الأمن لتسع سنوات، وتبين أنه كان مصابا بالسرطان ولم يتسنى له ولوج المستشفى خوفا من القبض عليه. 

وخلاصة للأحداث السابقة، ولأن حبل الكذب قصير، قد يتمكن البعض من إخفاء شرورهم خلف وجوه وديعة، لكن لحظة الحقيقة لا مفر منها فلابد أن يأتي يوم تظهر فيه الحقيقة وينجلي الحق.