سياسة واقتصاد

الاطلسي.. "ملك المغرب جعل من التضامن إحدى روافع تدبيره للحكم "

كفى بريس: (وم ع)

كتبت صحيفة (الاتحاد الاشتراكي) أن مبادرة إيصال المساعدات الغذائية لفائدة القوات المسلحة والشعب اللبنانيين، بتعليمات سامية من الملك محمد السادس، في إطار التضامن مع لبنان لتمكينه من مواجهة التحديات الاقتصادية وتداعيات جائحة كوفيد-19، تعكس التجاوب التضامني الفعلي والواقعي والإرادي للمغرب مع شعب عربي شقيق.

وأوضحت الصحيفة، في مقال من توقيع طالع سعود الأطلسي تحت عنوان “التضامن المغربي… وامتداده العربي”، نشرته في عدد الخميس، أن هذه المبادرة تعد بمثابة “شعاع أمل تضامني تخترق عتمة اليأس المستشري لدى الشعب اللبناني، من انعدام التضامن العربي معه”.

وأشار سعود الأطلسي، نقلا عن بلاغ للديوان الملكي، إلى أن “هذا القرار الملكي يأتي استجابة للطلب الذي تقدم به الجانب اللبناني في إطار التضامن مع هذا البلد الشقيق لتمكينه من مواجهة التحديات الاقتصادية وتداعيات جائحة كوفيد 19″، مضيفا أنه منذ صباح السبت بدأت الطائرات العسكرية المغربية في الوصول إلى مطار بيروت محملة بتلك المساعدات المقدرة بحوالي 90 طن من المواد الغذائية الأساسية.

وسجل أن الملك محمد السادس كان أول المتجاوبين مع ملتمس الجيش اللبناني، “لأن لديه جاهزية مفاهيمية وسياسية ولوجستيكية للتضامن… وحتى قبل أيام أمر الملك بإطلاق الحملة السنوية الرمضانية المعتادة بتقديم مساعدات غذائية لحوالي 3 ملايين من المغاربة من ذوي الهشاشة الاجتماعية… وهي ممارسة لسنوات عديدة خلال رمضان من كل سنة”.

وأكد سعود الأطلسي أن المغرب يستحق أن ينظر إليه عربيا، وخاصة من نخبة السياسة والفكر، بغير موجهات الشعارات ومؤثرات المركزية الشرق- أوسطية، و”بغير تلك المفاهيم التي هي جزأ من الواقع العربي. إنه بلد عربي تجتهد قيادته لتليين الأزمات. ومحاولة التقدم. نقطة ضوء في هذا الوضع العربي المأزوم. محاولة تستحق تفحصها والانفتاح عليها… ولولا هذه المعضلات العربية، لكان المغرب مساهما فعالا في التضامن العربي المأمول… ولكن الفعال، المجدي والواقعي”.

وذكر بأن المبادرة التضامنية مع لبنان من الملك محمد السادس، تأتي بعد المستشفى الميداني العسكري المغربي، الذي كان جلالته قد أمر بإقامته في بيروت، بعد الانفجار المروع في الميناء، منوها إلى أن الأمر يتعلق ب”دعم موجه للجيش اللبناني، الذي يحوز ثقة اللبنانيين، ذائدا عن وحدة لبنان وسيادته وسط التجاذبات الطائفية، وامتداداتها الخارجية”.

وشدد كاتب المقال على أنه “لا مطامع للمغرب من خلالها (المبادرة)، في لبنان، وليس يناصر بها فريقا سياسيا ضد فرقاء ولا طائفة ضد طوائف… عساها أن تكون قدوة لدول عربية، خاصة تلك الغنية بالطاقة الأحفورية، وهي قادرة على دعم الشعب اللبناني”.

وأبرز أن “ملك المغرب جعل من التضامن إحدى روافع تدبيره للحكم، نسج مشروعه المجتمعي الإصلاحي والتحديثي على نول قيمة التضامن… التضامن في بعده الوطني، بين طبقات وفئات المجتمع المغربي، بين نسائه ورجاله، وبين جهاته وبين مدنه وقراه… والتضامن في بعده الخارجي في محيطه العربي ومع امتداداته الإفريقية”.

وأكد أن “التضامن في المشروع الملكي – مغربيا – هو الصفة التدبيرية لمواجهة الفقر والهشاشة، وهو مروحة التدوير أو التوزيع العادل، المنصف والاجتماعي للثروة الوطنية، وأداة الدفع بتقليص الفوارق الاجتماعية. لأن ذلك التضامن يروم أن يكون بآليات اجتماعية، مادية، عملية ودائمة، وليس مجرد فعل عاطفي إنساني رحيم، ولكنه متقطع، جزئي ومؤقت”.

وأبرز صاحب المقال أنه قبل يوم من المبادرة التضامنية مع الجيش اللبناني، كان الملك محمد السادس قد أطلق “ما وصف من قبل المعنيين والمهتمين، ثورة اجتماعية. صدرت عن “عقيدة” التضامن التي تسكن السياسات الملكية”.

وأردف أنه أضحى واقعا تمكين حوالي 22 مليون مغربي من الحماية الاجتماعية الاجبارية، بخطوات عملية على مدى الأربع سنوات القادمة، وأن “ما تحقق لم يكن حلما ولم يكن في وارد التحقق… حتى أعلنه الملك قبل أقل من سنتين… وفي أقل من شهرين، أجاز مجلس الوزراء مشاريع القوانين التنفيذية للمشروع صادق عليها البرلمان، وبدءا من الحفل الرسمي الذي ترأسه الملك محمد السادس، حاز المشروع (قوة الشيء الموجه للانجاز)”.

واعتبر أنه “ومنذ اليوم، سيبدأ العمل من أجل أن يستفيد 22 مليون مغربي، من أجراء عمال وفلاحين ومياومين ومقاولين ذاتيين وأجراء ومستخدمي القطاع غير المهيكل، سيستفيدون، وإجباريا، من الحماية الاجتماعية، التي تشمل التأمين عن المرض، التعويضات العائلية، التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل. إنها ثورة اجتماعية تبني وتقعد التضامن في أساسات تدبير الشأن العام المغربي… بما يعلي الحقوق الاجتماعية للمواطنة، يتيح منفعة للمواطن من وطنه، وبالتالي يحفزه على إفادة وطنه، بوعيه وبعمله”.

وبالعودة إلى الواقع اللبناني، عرج سعود الأطلسي على لقاء تكريمي لأحد “أعمدة الصحافة اللبنانية والعربية”، طلال سلمان مؤسس، مدير صحيفة (السفير)، والذي شارك فيه نخبة من المفكرين والكتاب المرموقين في لبنان، “أطلقوا في مناقشاتهم عواصف حزن وبكاء على الوضع العربي عامة، بلغت عند بعضهم حد اليأس من جبر انكساراته والبرء من أعضاله”.

وأضاف في هذا الصدد، أن طلال سلمان تحدث “عن تكشف عجز النظام في لبنان بدولته التي يتقاسم مغانمها الكبار… مع تمدد الأزمة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية التي يعيش لبنان في إسارها منذ عام على الأقل (انفجار ميناء بيروت وما كشفه وتبعه من انهيارات ضرب العملة الوطنية وتناقص فرص العمل) والتي هزت يقين اللبنانيين واطمئنانهم…”.

كما توقف الكاتب عند تبدد رصيد الثقة الخليجية في لبنان، “وهي التي كانت الرافعة الاقتصادية والسياسية للبلد، قبل الحرب الأهلية وبعدها. بعض المداخلات ستضيف أن لبنان لم يعد مغريا لا سياسيا ولا سياحيا ولا مصرفيا، لا للعرب ولا لغيرهم. وقد فاقم من الأزمة ومأساويتها، آثار الوباء الذي يجتاح لبنان والعالم، فضلا عن الشلل الحكومي الذي ليس في الأفق ما يؤشر على معالجته”.

وقال إنه “بعد يوم واحد، من ذلك اللقاء الحزين، سيسمع في لبنان صوت طالع من المغرب. كما لو أنه يقول “مهلا، لكم من يهتم بلبنان، من منطلق تضامني، أخوي وقومي”… إنه مضمون ما وراء سطور بلاغ الديوان الملكي الذي أعلن أن الملك محمد السادس، أمر بتقديم هبة ملكية شخصية عبارة عن مساعدات غذائية أسياسية لفائدة القوات المسلحة اللبنانية والشعب اللبناني الشقيق”.

واستذكر سعود الأطلسي لقاءه بجورج حاوي، الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، سنة 1986، على هامش “واحد من المؤتمرات القومية والثورية التي كان يستمتع بعقدها العقيد معمر القذافي، في طرابلس”، مضيفا “خلال الحديث التفت إلي الشهيد قائلا “رفيقي الأطلسي، رجاءا أن تحافظوا على مميزات الوضع في المغرب. واحدة من تلك المميزات هي الملكية… حافظوا عليها….، حافظوا على الملكية التي تقي المغرب من عدة مخاطر وويلات نواجهها اليوم”.

وخلص كاتب المقال إلى التأكيد على أن “المغاربة حافظوا على الملكية. والملكية، معهم، وبهم، تحافظ على الوطن… بل تحفز على تطويره. الملك اليوم هو من يقود المغرب، بتبصر تاريخي نحو التفوق على مشكلاته ومغالبة كوابحه السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية… بفكر، روح، سياسية وآليات التضامن الاجتماعي”.