قضايا

القفة والحمامة

عبد العزيز المنيعي

حركت التصريحات الاخيرة للامين العام لحزب الجرار، المياه الآسنة في بركة استغلال العمل الإحساني والخيري لفائدة العمل السياسي وبالتحديد الانتخابات، وربط التصويت بقيمة القفة وصاحبها.

تصريحات وهبي التي لا تخرج عن إطار التفاعل الانتخابي ومحاولة ربح مسافات من الزمن المتبقي ولو على حساب فضح ممارسة يعلم الجميع أن كثير من الأحزاب إن لم نقل معظمها يمارسها في السر كما في العلن.

قلنا أن تصريحات أمين عام الجرار تلتها خرجة الرفاق الذين استنكروا بشدة حسب بلاغهم، لجوء بعض الجمعيات، لتوظيف "قفف رمضان" في الدعاية الانتخابية لفائدة حزب معين.

الرفاق أشاروا في بلاغهم إلى جمعية بعينها، وهي “مؤسسة جـود” القريبة من حزب التجمع الوطني للأحرار، مستنكرين التوظيف السياسوي لمبدأ التضامن النبيل، من خلال تعبئة إمكانيات هائلة وأعداد ضخمة من “قفف رمضان”، على نطاقات جغرافية واسعة، وفي عشية الاستحقاقات الانتخابية.

من جهته لشكر خرج عن إجماع اهل النقد والاستنكار، ولم يعلق على واقعة مؤسسة "الجود"، بل تحدث بشكل عام عن وجوب استنكار أي استغلال للعمل الإحساني الخيري في المجال السياسي.

أردنا أن نطل على ردود المشهد الحزبي قبل أن نتجول قليلا في فيافي حزب التجمع الوطني للاحرار، وتلك القفة التي صارت تساوي أصواتا..

ويكفينا ما فضحه  تطبيق التراسل الفوري "واتساب"، عندما كشف مراقبون ومتتبعون لهذه القضية الذي إختلط فيها الخبز بورق اللوائح الإنتخابية، مجموعة من المراسلات تفيد ما فضحه الجرار وإستنكره الرفاق وعجت به مواقع التواصل الاجتماعي.

ببساطة... الحكاية وما فيها، أن مجموعة من المراسلات المتبادلة في إطار مجموعة على الواتساب تعود لشبيبة حزب التجمع الوطني للاحرار بشتوكة أيت باها، فضحت  حجم استغلال القفف الرمضانية وحتى محافظ الدخول المدرسي في استقطاب منخرطين جدد للحزب.

إحدى تلك الرسائل، فضحت بشكل مباشر ودون مراوغة أو ترميز، أنه "يجب على مناضلينا في جميع الجماعات أن يعلموا أن حصتهم من القفف الرمضانية ومحافظ الدخول المدرسي رهينة بعدد بعدد المنخرطات والمنخرطين بذات الجماعة"، هكذا قالها أحد "جهابدة" القفف الرمضانية واجر الإنخراط في الأحرار.

وأضافت الرسالة في مقطع موالي، أن ذلك يأتي "مكافأة لمجهوداتهم في استقطاب منخرطين جدد وعملهم الميداني وتواصلهم مع الساكنة".

طبعا أسباب نزول هذه الرسائل، جاء كرد على تساؤل أحد مناضلي شبيبة الأحرار، الذي استفسر عن عدد القفف الرمضانية المخصصة لشتوكة، وقالت الرسالة بالحرف، "كجمعويين وفي إطار الحصول على المعلومة نريد معرفة حصة شتوكة من القفف الرمضانية هل هي 2000 أو 3000 أو 4000"، كما تسائل "المناضل الجمعوي" في شبيبة الاحرار، "وما هي المعايير التي تم إعتمادها في توزيعها ولماذا لم يتم نشر حصة كل جماعة كي لا يساهم ذلك في نشر البلبلة بين المناضلين ونعرف كم استفادت كل منطقة أو جماعة"..

نحن هنا امام واقعة ملموسة وليست مجرد إستنتاج، إنها الحقيقة ماثلة أمامنا، لذلك لا خروج إعلامي لاخنوش ينفي مثل هذه الوقائع، ولا بلاغ لمؤسسة الجود يشدد على انعدام العلاقة بين الحمامة والقفة، قادر على إزالة هذه الغشاوة وهذا التماهي بين الحزب والقفة الرمضانية.

يمكن القول أن رهن القفة الرمضانية بعدد المنخرطين، هو نوع من الإبتزاز الذي يمارسه السياسي على المواطن، بمعنى "عطيني نعطيك"، والعملية شبيهة ب 200 درهم من اجل صوت، أو ب"كروسة" سواك ومسك ومصحف يباع في الشوارع... الأمر يفضي إلى بعضه، هذا من ذاك، لكن اليوم جاء الدور على الاحرار ليدفع ثمن ما تقدم وما تأخر من ذنوبه وذنوب الآخرين أيضا..