تحليل

كورونا يضع مهنا على رف الانتظار... "الكراب" يتوسط لهيب الجائحة وعطش رمضان

عبد العزيز بنعبو

هذا الجالس القرفصاء وسط ساحة "جامع الفناء"، يدعى "كراب"، وهو الذي يسقي العابرين من شربة ماء في عز القيظ من إناء معدني تفوح منه رائحة الأصالة.

اليوم وعلى مضض، يجلس وسط خلاء ساحة كانت عامرة قبل هبوب عاصفة جائحة فيروس كورونا، يجلس مترقبا الامل في أن تعود الأقدام إلى خطواتها المتمايلة تجوب الساحة طولا وعرضا، وأفواه عطشى وما هي بعطشى، فقط تريد تذوق الماء من قربة عفى عنها الزمن وصارت جزءا من موروث مغربي أصيل.

اليوم، وبعد مرور العام الاول على ظهور فيروس كورونا المستجد، وحلول رمضان الثاني في ظل الجائحة، لا زالت تداعيات الأزمة ترخي بظلالها على جميع مناحي الحياة في العالم، لم يسلم من ذلك أي قطاع، مهن عديدة صارت في رف الانتظار أصحابها توقفت رحى كسب العيش امامهم بعد أن صار التلامس ضربا من العدوى بل هو العدوى في حد ذاته.

اليوم نجد العديد من القطاعات شهدت تراجعا مهولا، ادى إلى ازمات متفاقمة تراكمت عبر الشهور الماضية التي كان فيها الحجر الصحي سيد الموقف وصاحب الرأي الأول والأخير.

المغرب كباقي دول المعمور، أصيبت فيه قطاعات تشغل اليد العاملة وتضمن لها دخلا يقيها شر الحاجة والفقر، بضربات متتالية لم تشف منها لحد الساعة.

إنها ساعة الازمة بإمتياز التي دقت في العالم بأسره، وقد تمكن المغرب من ضبط توقيته على إيقاعها، وجنب المواطنين من هول كبير، بفضل الإستباقية والتعجيل في اتخاذ التدابير والإجراءات، وبفضل الحرص الملكي على صحة شعبه اولا وقبل كل شيء.

الاكيد أن هذا "الكراب" الجالس لم يكن يظن أن يوما سيأتي عليه، ويجلس بين فوهتي مدفع، عطش رمضان حيث الصيام ولا أحد يطلب شربة ماء في أيام الله المتعاقبة خلال الشهر الفضيل، وطبعا فوهة مدفع الأزمة الصحية التي أرخت بظلال قاتمة على كل مناحي الحياة وحولتها إلى كابوس حقيقي تحاول المملكة أن تمر منه بسلام وبقليل من الخسائر.

ويبقى تشعب الازمة الناتجة عن كوفيد 19، قد أرخى بتداعيات لم تكن متوقعة أصابت الناس في يومياتهم ومعيشهم، العالم أصبح عبارة عن لحظة فزع متواصلة وصار يكتفي بما تيسر من أجل تدبير حياته، لم يعد الاحتكاك ممكنا ولا التواصل المباشر متاحا، كل شيء عن بعد لكن هناك وظائف وأعمال لا يمكن إنجازها عن بعد.

اليوم وعلى بعد سنة كاملة، ودخولنا في العام الثاني، تتواصل حملة التلقيح ضد الفيروس في المغرب بشكل سلسل وحققت نسبة مهمة من المطعمين، ويبدو الامل قريبا لكن مع الكثير من الحرص والالتزام بما أقرته السلطات العمومية..