رأي

خالد أخازي: جاري المؤمن ..رقائق في اللقاح ومؤامرة الأعداء

أحد جيراني غاضب جدا...

فهو مؤمن حد التخمة... يتربص بالعابرات والعابرين، يفتي في الهندام والخطو و الكلام...

يلوي حديثا سمعه ضعيفا جدا، و يخرج آية من سياقها،  ويلحن حد الرغبة في خنقه..

يذرع الزقاق جيئة وذهابا....

يعتبر إغلاق المساجد مؤامرة ضد الإسلام...

ويقسم إن الدين مستهدف....

وإن كورونا لعنة وعقاب...و جزاء  على كل هذه الفحشاء... للسراويل القصيرة، للصدور العارية، وضربة قوية للظالمين، و هزة مزلزلة  لكل الحاكمين...

تذكرت عمي العربي... السفناج الدكالي الذي دخلت كورونا بيته، فأخذت أمه ثم اختطفه هو قبل أن يتلقى عزاءها...

فقد كان رجلا يستيقظ قبل الفجر، وينام عند الغروب...

لم يكن له لا شعب ولا علم... كان فقط عابرا بيننا ..

شغله سبعة أبناء وزوجة لحوحة  وأم عليلة، وأخت كسيحة..

كدت أذكر له أيضا جارتنا الطيبة التي تبيع الرغائف، و الشيخ الحاج الذي يقطن في خربة ويخيط الجلاليب، والشرطي الذي يتقاسم معنا الأحلام، والعسكري والممرض والطبيب... الذين اختطفهم الوباء وما كانوا ظالمين  ولا حكاما... بل يعبرون في صمت.

صمت... فالرجل من عادته أن يجد لكل فريسة من فرائسه حجة لذبحها من الوريد إلى الوريد..

دعه يتكلم... لعلني أجعله يوما شخصية ورقية في عالمي السردي...

قال وقول وتقول واستشهد وذبح النص و شوه المصدر، و أعدم الكثيرين محملا إياهم سبب البلاء، فقط لأنهم مختلفون عنه.

وحين ينسى ما قال، يؤكد أن أمريكا أو الصين تريدان السيطرة على العالم، وأن التلقيح خطة ذكية لإحصائنا وتتبعنا أينما حللنا.. 

يفتخر أنه استفاد من الساسة، وتحايل عليهم، فمالهم حلال...

أخذ قفتين.. واحدة زرقاء وأخرى حمراء....

كلما التقيته يحدثني عن جريمة إغلاق المساجد...

ويسب اليهود والهنود والشينوة...

وحين يطول الحديث بيننا... يكشف لي أسرار الجيران، وقصة الزوج الذي انكسر لواؤه، والفتاة الجميلة التي يوصلها عند الفجر شيخ  على سيارة مرسيدس...و الغلام الذي يقسم إنه شاذ... 

ثم يعود للحديث عن المسجد المغلوق... لاعنا من حرمه من صلاة مع الإخوة...

عن كورونا وغضب الله يسرد قصصا غاضبا، ويحمل المسؤولية للعاهرات والمثليين والأميين والكباريهات والحانات..

 يلعن خيبر والروس والأمريكان، بوشعيب والجيلالي والعثماني.

وحين يستريح... يسر لي أن فلانا شيد داره من  مال فاسد  من الرشوة،  وأن زوجته عاهرة، وأمه كاهنة، وأخته خائنة... وأبناءه أبناء حرام...

ويركل الكلب الأجرب الذي دنا منه....

يحدثني عن بخل الخباز، وعن عفنه، ورائحة إبطه، و زوجته البخراء...و ابنته البائرة... وعن النجار وبليته المزمنة... وعن رجل لا أعرفه... قال إنه سمسار المحاكم والإدارات 

ثم يلعن من أمر بإغلاق بيوت الله في شهر الرحمة والغفران...وينحط من شوق للصلاة مع الجماعة..

يسوي عباءته، يشرئب عنقه متطلعا لمؤخرة عابرة تتهادى...

يطيل النظر... يطلق زفرات عميقة، ويلعنها وأباها وأمها.... ويشير بإصبعه ... أنها سبب الوباء والبلاء..

ويسر لي أنها هي من تعول الأب بجسدها الذي نعته ديوثيا والإخوة الذكور الذين شبههم بأشباه الرجال...

أظل صامتا....

يتلهى عني لحظة بعد حبات السبحة..

يرفع نظراته عاليا... يحدثني عن نافذة لا ينطفئ ضوؤها حتى الفجر... ويكثر الصخب فيها، ويشك في أخلاق امرأة سمينة...وأقسم أن يعرف سرها قريبا..

يمر المقدم فجأة، يهرول نحوه، يحييه خانعا... يمدحه ويثني على القائد والعميد....

وحين يختفي... يتأفف ويقول " كروش الحرام... عايشين غير بالرشوة"

ثم يلعن من قرر إغلاق المساجد، وحرمه من صلاة التراويح....

قبل أن يختفي.... يصادف عابر سبيل متسول، ينهره... ويلعن إفريقيا و أوروبا....

يضع كيس قمامة على الجدار... ويعود لعد حبات السبحة..