فن وإعلام

صدور أول عدد من "مجلة تكامل للدراسات" حول “أسئلة العمل الحزبي بالمغرب”

كفى بريس

صدر العدد الأول من مجلة “تكامل للدراسات والأبحاث متقاطعة المعارف”، التي ينشرها مركز تكامل للدراسات والأبحاث، طبقا للمعايير العلمية التي تشترطها المنظمات الدولية المتخصصة في تصنيف المجلة المحكمة (Index).

وتناول العدد الجديد “أسئلة العمل الحزبي بالمغرب”، وتم التقديم للعمل بافتتاحية لمدير النشر الأستاذ عبد الرحيم العلام، ذكر فيها بأهمية الديمقراطية في حياة الإنسانية، منوها إلى أن أهم المتغيرات التي لحقت بالديمقراطية، وساعدتها على أن تظل متوهّجة، هو احتضانها المعطى الحزبي الذي جعلته واحدا من مرتكزاتها الأساسية، سواء من حيث كونه إجراء لا تستقيم الديمقراطية إلا به أو من حيث كونه يعكس قيم التعددية والاختلاف التي هي أبرز مقومات الحكم الديمقراطي؛ ومذكرا بأهم الشروط التي ينبغي أن تتصف بها الأحزاب لكي تتحول إلى رافد للعملية الديمقراطية لا عائقا أمام تطورها.

وإلى جانب الافتتاحية، برزت أولى الدراسات التي تناول فيها الأستاذ عبد المالك الوزاني موضوع: “الأحزاب السياسية المغربية: من التّمايزات الإيديولوجية التقليدية إلى ظاهرة الكارتلات”، تطرق فيه إلى ضرورة تجديد الإطار النظري لتحليل التطورات التي عرفتها الأحزاب السياسية في المغرب، بعد تغيير أحزاب المعارضة إلى أحزاب حكومية، وسعيها إلى البقاء في ما يمكن تفسيره بنهاية التمايزات التقليدية (سيمور مارين ليبست وشتاين روكان)، وأيضًا باستخدام مفهوم “الكارتل” الذي اقترحه كل من “ريتشارد ماير” و”بيتر ماير”.

الدراسة الثانية وسمها الأستاذ عثمان الزياني بـ “الأحزاب السياسية والاشتغال بمنطق ‘الكارتل’: طبّوغرافيا مأزق التمثيل الحزبي وامتهان سلوك التواطؤ”، هدفت إلى تبيان كيف أضحت الأحزاب السياسية في المغرب تشتغل وفق منطق الكارتل من خلال استحضار جملة من التمظهرات والتجليات الممارساتية والسلوكية، التي تبرز سواء في علاقتها مع الدولة أو الناخبين؛ وذلك عبر تحديد كيف غدت هذه الأحزاب تتوجه أكثر نحو الدولة لضمان استمرارها في السلطة، عن طريق بناء قدر من العلاقة التكافلية معها، مبنية على أساس ضمان الاستفادة من التمويل العام والإعانات الحكومية، وسلك سلوك التواطؤ والتكثيف المحكم للعلاقات غير الرسمية والمضمرة مع الدولة، مقابل بعدها عن المجتمع، خصوصا هيئتها الناخبة، ما نتج عنه ازدياد منسوب مأزق التمثيل وانتشار ممارسات الزبونية، وهيمنة النخب الكلاسيكية على صناعة القرار الحزبي.

بينما خصص الأستاذ زين الدين لحبيب استاتي ورقته للتفصيل في موضوع “الأحزاب السياسية وإشكالية الوساطة في المغرب”، حيث أشير إلى كون مسار الإصلاحات السياسية والدستورية في المغرب تميّز بإعادة هيكلة الحقل السياسي وفق منهجية دستورية وتوافق سياسي، بوصفها شرطاً مسبقاً لعملية التقارب بين الفاعلين السياسيين؛ مستدركا بأنه إذا كان هذا التقارب أو الانفتاح السياسي قد حوّل السيرورة الانتخابية إلى شيء متقلّص على مستوى الممارسة فإنه عزز في المقابل اتّساع الساحة الاحتجاجية، وتراكم مهارات وخبرات المعارضة غير التقليدية، وتطوُّر قدرات التنسيق الأكثر استقلالية، مع إضعاف الميول الاستقطابية للسلطة، وزاد: “المأمول أن تُجدّد الطبقة السياسية، في المستوى القريب والمتوسط، خطابها ووسائل وكيفيات تواصلها، للحيلولة دون استمرار تآكل مصداقيتها”.

وفي سبيل تسليط الضوء على إشكالية الديمقراطية الداخلية، انصبت الدراسة الميدانية التي أعدها الأستاذ عبد الإله سطي على قياس الديمقراطية الداخلية داخل “حزب العدالة والتنمية”، في سعي منه إلى التوقف على مدى حضور الممارسة الديمقراطية داخل هذا الحزب، من خلال مساءلة المعايير التي يعتمدها في تدبير شؤونه الداخلية، وذلك عبر مؤشرات: المشاركة، والمنافسة، والتمثيل، واللامركزية، والشفافية. وركزت الورقة على أن أي تكريس للعلمية الديمقراطية لا يمر إلا عبر أحزاب سياسية ديمقراطية، تضمن حدودا للتداول على القيادة الحزبية، وتضمن تمثيلية للنوع داخل الهياكل الحزبية، وتكرس مبادئ الشفافية في اعتماد القرارات والنقاشات الداخلية.

وإضافة إلى الدراسات التحليلية، ضم العدد الأول من المجلة ترجمة أعدها الأستاذ محمد ضريف للمقال الذي تساءل فيه “رونالد ألفارو ريدوندو”: “هل الأحزاب السياسية في تراجع؟”، مستعرضا المساهمات الأخيرة في الحقل الحزبي، وذلك بأن أعاد إلى نقاش مسألة ابتعاد المواطنين عن الأحزاب السياسية، وهو ما أدخل إلى مفردات العلوم السياسية عبارات مثل “اللامبالاة السياسية” و”اللامبالاة الحزبية”. وسعت الدراسة إلى تقديم اتجاهين يبدو أنهما يؤكدان هذا الافتراض: يرى الاتجاه الأول أن الأحزاب السياسية تشهد اختفاء العضوية بداخلها، بينما يرى الاتجاه الثاني أن المواطنين العاديين أصبحوا أكثر شكا في مسألة الانخراط في السياسة. وعلى الرغم من هذا الواقع، تكيفت الأحزاب السياسية مع التغيرات الاجتماعية، وتواصلت مع الناخبين، ونظمت نفسها داخليًا وأدارت حملاتها الانتخابية وربما حتى الطريقة التي تحكم بها.