تحليل

المغرب نجح في اسقاط مخطط كان يستهدفه ويهدف الى الاضرار بمصالحه الوطنية الاستراتيجية

محمد نجيب كومينة

نجح المغرب في اسقاط مخطط كان يستهدفه ويهدف الى الاضرار بمصالحه الوطنية الاستراتيجية، مخطط نسجته المخابرات الجزائرية مراهنة على سذاجة وقلة حيلة من يحكمون اسبانيا حاليا وعلى عداء دفين لدى بعض الاطراف الاسبانية للمغرب والمغاربة، سواء في اليمين المتطرف او في يسار بلا بوصلة ولا استقلالية عن المنطق الموروث عن الاستعمار.

لكن اصحاب المخطط اكتشفوا انهم اكثر سذاجة، بل واغبياء، اذ ورطوا الاسبان شر ورطة و وفروا للمغرب فرصة كان من الصعب توفرها لو لم يباشروا تنفيذ مخططهم ليقلب الطاولة على اسبانيا التي لم تتصرف وفق تقاليد العلاقات الاسبانية المغربية التي تم ترسيخها في العقود الاخيرة، وبالاخص في ظل حكومات كنساليس وسباتيرو وراخوي، سواء فيما يتعلق بملف المجال البحري او الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء واعتبار الحكم الذاتي الحل الوحيد للنزاع المغربي الجزائري او قضايا اخرى، ليس ذلك وحسب، بل انهم وفروا الفرصة للمغرب ليعيد الى الواجهة دوليا مسالة احتلال سبتة ومليلية والجزر المتوسطية و يقوم في نفس الوقت بتعبئة المغاربة للدفاع عن اراضيهم السليبة.

لقد وجدت الحكومة الاسبانية نفسها في ورطة بعدما جاء رد فعل المغرب سريعا وقائما على معطيات دقيقة، و رغم انها حاولت الصعود الى الجبل في البداية والتحدث بلغة ايزابيلا، فانها فهمت في النهاية ان المؤامرة التي شاركت فيها، والتي لم يكن استقبال بن بطوش بطرق المهربين والعصابات الا الجزء الظاهر منها، قد انقلبت عليها و ان الجنيرالات الجزائريين تلاعبوا بها وورطوها، وانها ستكون اكبر الخاسرين من التوتر الذي افتعلته مع المغرب، لان مصالحها مع المغرب اكبر و ارتباطاتها به اكبر، و لان المغرب يمتلك الكثير من الاوراق التي يمكن ان تلحق ضررا بمصالح اسبانيا وخلخلة الاوضاع بها، امتنع دائما عن استعمالها مراعاة لحسن الجوار والتعاون والعلاقات الاستراتيجية التي تم بناؤها لبنة لبنة في مدى زمني طويل، بل وتصرف على العكس من ذلك لفائدة اسبانيا في ملفات عديدة، بما فيها دولية، لتاكيد حسن نيته، رغم الخلاف الترابي القائم بين البلدين والذي راهن المغرب على حله بالحوار والتقارب المستمر.

اليوم تجد اسبانيا نفسها في ورطة لا يمكن للجزائر ان تساعدها على الخروج منها، لان الجنيرالات لا يمكن الوثوق فيهم و لا يحسبون الا لما يعود عليهم بالنفع الشخصي، و ليس امامها الا ان تجد الحل بشكل منفرد كي يصبح ممكنا ان تعود المياه الى مجاريها.

و لا يمكن للحاكمين باسبانيا ان يفرحوا بمساندة حكام الجزائر الاغبياء، جزائر الثورة التحريرية المجيدة ضد الاستعمار، لا ستعمارهم للاراضي المغربية، لانه لا يجدي نفعا ولا يغير من حقيقة ان استعمارهم لهذه الاراضي يبقى استعمارا في نظرنا نحن المغاربة اصحاب الارض الشرعيين و في نظر العالم ايضا.