رأي

أحمد الشرعي: بماذا تدين الأحزاب للمغاربة؟

تفصلنا أشهر قليلة عن استحقاقات انتخابية في غاية الأهمية، بالنظر للرهانات الكبرى، التي تنتظر بلادنا محليا وإقليميا ودوليا.

ومع ذلك فإننا نعاين أن خطاب بعض قادة الأحزاب منفصل تماما عن هذا الواقع، ومازال يحمل في طياته هجوما على الصحافة باعتبارها «تنتقص من الحزبي».

هذه القناعة مجانبة للصواب لأن الصحافة ما هي سوى رجع صدى لشعور المواطن وتعبيرا عن هواجسه، إضافة إلى أن هذا السلوك مضر بالعمل السياسي، لأنه يضرب في الصميم بمبدأ التلاحم الوطني.

إساءة بعض قادة الأحزاب للعمل السياسي لا يقف عند هذا الحد، بل يتجاوزه إلى الجهل بواقع العملية الانتخابية في حد ذاتها. إذ لا يمكن أن نطلب من المواطنين التصويت ضد حزب ما، لأن من لهم الحق في الإدلاء بأصواتهم لا ينتقلون لصناديق الاقتراع للوقوف في وجه هيأة أو تيار سياسي معين. بل بالعكس يتجه المنتخب للتصويت فقط عندما يؤمن بمشروع أو رؤية سياسية شاملة.

وإذا ما رغبت الأحزاب السياسية في التطابق مع اللحظة التاريخية التي تجتازها البلاد، فعليها أن تتصرف وفق المعنى الصحيح لمفهوم الحزب السياسي، أي أن تكون مرجعا يبنى على مجموعة من القيم ويقدم في إطار برنامج واضح المعالم. بتعريف آخر، أن يصبح الحزب مجموعة تدابير إجرائية قائمة على المرجعيات المؤسسة والتمثيلية.

والواضح أن الطبقة السياسية تجانب أحيانا الصواب، على كل هذه المستويات. قليل من الأحزاب من يملك مرجعية يستطيع من خلالها أن يعلن عن جيناته المؤسسة. وحتى أحزاب كبرى كانت قد تبنت في السابق خطابا مبنيا على مشاريع مجتمعية لم تعد قادرة اليوم على المضي فيها، كما لو أن الحساب الانتخابي هو الهاجس الوطني الوحيد الممكن.

وحول موضوع التمثيلية، هل من المنطقي أن تقدم الأحزاب نفس الوجوه في كل استحقاق انتخابي في واقع ديموغرافي يسيطر عليه الشباب اليوم في المغرب؟ الإجابة ستكون قطعا بالنفي.

وفي جميع الأحوال فنحن نتفق على أن الأحزاب ضرورية لكل بناء ديمقراطي، فهي عصب الحياة السياسية.

بالمقابل يفرض الوضع، اليوم، على الأحزاب أن تخرج من مواقفها المعلنة، وأن تقترح على المغاربة مشاريع مجتمعية واضحة ودقيقة، وأن تنخرط في تنشيط النقاش العمومي، وتفسح المجال للأجيال الجديدة لممارسة الحياة السياسية.

عدا ذلك، فإننا سنسير قدما إلى نسب مشاركة متدنية في الاستحقاقات القادمة، ما سيؤثر لا محالة على مشروعية المؤسسات التي ستفرزها صناديق الاقتراع.

*المقال منشور بموقع "الاحداث أنفو"