على باب الله

بارد وسخون يا هوى...

المصطفى كنيت

لم يستعمل عبد اللطيف الجواهري لفظتي "الباكور" و "الزعتر" اعتباطيا، بل عن قصد و بوعي و مسؤولية.

و في المثل الشعبي : " سبع ايام  تاع الباكور"، كناية عن عمر هذه الفاكهة  القصير جدا، فهي لا تكاد تنضج حتى ينتهي موسم قطافها.

و على الذي يمتلك اشجار تين من هذا النوع أن يحرص على جنيها في الصباحات الباكرة، في تلك السبعة أيام أو أقل، حتى لا ينقبها الطير أو تتساقط أو تمتد إليها أيادي تجيد سرقة الغلل.

اما الزعتر فهو مجرد علاج طرفي لعسر الهضم او الإسهال ونزالات البرد، كما يعتقد الناس، قد لا يغني عن زيارة الطبيب.

كذلك برامج الأحزاب، في الغالب، سرعان ما تنمحي بمجرد توزيع  الحقائب الحكومية، فتنحر تلك الوعود على نٌصِب التوازنات الميكرو أو الماكرو اقتصادية، التي يقتضيها التحكم في كتلة الاجور وعجز الميزان التجاري ونسبة التضخم، و إكرهات أخرى طارئة.

فلا أحد بمقدوره قراءة فنجان الغد أو فك شفرات رموز المستقبل، في ظل عالم يتحول كل يوم، و يفلت من كل التوقعات. 

 و من يعيد الاستماع لوالي بنك المغرب بتمعن، سيكتشف أن الرجل لا يستهدف الأحزاب إنما الذين يصعدون فوق رؤوسها فينقبون ما تبقى لديها من مصداقية.

طبعا، لا ديمقراطية بدون أحزاب،  و هي في كل محطة انتخابية تحتاج إلى ما يقوي مصداقيتها من خلال برامج تعزز الثقة، لا من خلال وعود قد تبدو ضربا من الخيال.

و كما يقول المغاربة: " بارد و سخون امولاي يعقوب".

غير أن المرحوم محمد الحياني، غنى " بارد و سخون يا هوى"، و هو يعنى الغرام والصبابة والوجد، و ليس هوى النفس الأمارة بالسوء.

و كلام الجوهري يندرج في سياق صد النفوس عن غيها، و ليس الأحزاب عن ممارسة مهامها الدستورية، فالأشخاص عابرون، و الاحزاب باقية.