رأي

حسن عبيابة: المغرب لايهمه تغيير الأشخاص بقدر ما يهمه تغيير المواقف

س/بعد تغيير وزيرة الخارجية الإسبانية…هل هي إشارة لحل الأزمة مع المغرب وهل انتصر ت الدبلوماسية المغربية

ج/ تغيير وزيرة الخارجية الإسبانية أمر يهم إسبانيا داخليا فقط، لأن الوزيرة المعنية لم تتوفق في ملفات عديدة منها ملف العلاقات مع المغرب،ما يهم المغرب ليس هو تغيير الأشخاص، وإنما هو تغيير المواقف، وتعيش الحكومة الإسبانية الحالية مشاكل داخلية متعددة، منها الأزمة الإقتصادية والإجتماعية التي تعيشها إسبانيا على كافة المستويات، حيث تنتظر إسبانيا مساعدات مالية مهمة من الإتحاد الأوروبي، تقدر ١٥٠ مليار أورو ، كما رئيس الحكومة الإسبانية الحالية يواجه معارضة تتقوى يوم بعد يوم من الحزب الشعبي اليميني،

وفي إعتقادي أن الخلاف المغربي الإسباني تجاوز الأشخاص، لأن ماوقع من خداع للمغرب، وإستقبال سري لزعيم جبهة البوليساريو، بهوية مزورة، هو موقف دولة وليس موقف أشخاص، تتحمل فيه الدولة الإسبانية مسؤولياتها والتزاماتها مع المغرب، والمغرب يعنيه مواقف واضحة في قضايا الحيوية والوطنية،

وهل انتصرت سياسة المملكة في التعامل مع الأزمة مع إسبانيا؟

ج/ العملية لاتعلق بإنتصار طرف على الأخر ، وإنما الموضوع مرتبط بإحترام كل طرف المصالح الحيوية للأخر ، والحفاض على التوازنات الإستراتيجية الجديدة التي ظهر فيها المغرب كدولة صاعدة، بحكم موقعه وعمله المستمر في المنطقة، ومنذ التحولات الجيواستراتيجية التي يعرفها العالم في الخمس سنوات الماضية، في كل القارات والمناطق، فقد برزت جغرافية إقتصادية جديدة تتشكل بمشروع طريق الحرير الصيني الذي يعتبر المغرب جزء منه، وهناك إستعاب متأخر من طرف الدول الأوروبية لما يحدث حولها، وما يحدث داخل الإتحاد الأوروبي، من إعادة التوازنات بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوربي، وهناك عودة روسيا إلى شرق أوروبا وإلى جزء كبير في منطقة الشرق الأوسط، لكن إسبانيا لم تستوعب ما يحدث حولها في غرب المتوسط، وما يقع في المغرب من تحولات كبرى، إستوعبتها الصين وبريطانيا ولم تستوعبها إسبانيا، لأن إسبانيا قد تجعل من المغرب مدخلا للتنمية الداخلية عن طريق الوصول إلى إفريقيا الواعدة، عن طريق التعاون الإقتصادي، وشراكة في القطاع الخاص، وفي نفس الوقت قد تجعل من المغرب عازلا لإسبانيا من أي إستفادة، في الجوار البري والبحري في المنطقة، ويبدو أن إسبانيا أصبحت غارقة في أحزاب تمثل الأقليات وأحزاب متصارعة على الحكومات بأي أصوات وبأي موضوعات داخلية وخارجية،

ما الذي يترتب على نجاح موقف المملكة في الأزمة بالشكل الراهن …خاصة بشأن التعامل مع المواقف المستقبلية المشابهة؟

ج/ المغرب حاليا في موقف مريح، ويضع سقفا محددا للتعاون، حفاظا على مصالحه الحيوية، وقد إستطاع بحكمته تدبير الخلاف مع إسبانيا بموضوعية وبراكماتية، حيث إستغني عن إسبانيا جغرافيا وخلق جغرافية أخرى مع البرتغال ودول أخرى في المنطقة ، والمغرب بحكم إشرافه على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، يمكنه أن يختار دول جوار أخرى، أكثر إتصالًا وقربا، عن طريق تجهيز أساطيل بحرية تجارية خاصة به أو مشتركة مع دول أخرى، إن إسبانيا لم تستوعب بأن المغرب أصبح من بين أهم الدول الإفريقية قاريا، وللإشارة فإن المغرب فتح أجندة كبيرة تتجاوز القرب الجغرافي وتتجاوز إسبانيا بكاملها، فالمنتظر من إسبانيا موفق إيجابي واضح وعلاني بخصوص قضية الصحراء المغربية، في إطار السياق العام الدولي للتوازنات الكبرى في المنطقة،

وتبقى إسبانيا الموحدة في الرأى الحكيم دولة جارة مهمة يمكن أن تبني مع المغرب تعاونا قويا ومستقبلا، لايقل أهمية بتعاونها مع دول الإتحاد الأوروبي،