قضايا

الاطفال يجرون في حلبات رهان المشرفي

عبد العزيز المنيعي

عندما يكون الرمادي سيد اللون في تبيان الوضوح، تتوقع اكثر من فخ ينصب على مدار الخطوات، ورمادي السكر و القمار في المغرب، من بين الألوان التي تعتم الرؤية، ولا تسمح بوضوح التعامل مطلقا. هكذا يراكم الكثير ثرواتهم على "قفى" البسطاء ممن عشقوا العيش تحت ظل كأس "بيرة"، او ممن عشقوا الحلم فوق جناح "رهان".

لهم الحق في ذلك فأسهل الاموال التي من الممكن أن يجنيها منتبه لفلتات اليومي، هي اموال القمار خصوصا، فالحلم لا ينتهي بالصحو لأنه لا يبدأ مع النوم، وحلم الثروة هو ثروة لمن يجيد اللعب على اوتار تضخيم اليانصيب والتلاعب بالأرقام وإعطاء الأولوية للصندوق وليس لمعيار الجودة و حسن الاداء.

هكذا تجد محلات القمار، حيث الخيل تجري، وحيث الكرة تتجول بين أرقام، او حتى الكلاب و القطط ربما، ومن يدري فربما المتسابق الوحيد الذي يجري في حلبة "المشرفي"، هو الإنسان بكل حمولته اليومية وحمولته الوجودية، وبكل أحلامه وكل اماله العريضة، التي لن تكون أعرض من "سنطيحة" صاحب اللعبة. فهو قمار من الدرجة الرفيعة، يقامر بحياة المقامرين من الدرجة الصفر. لا مجال للمقارنة مطلقا، كلاهما في واد أو الأصح واحد في بركة محدودة ماؤها لا يتغير وصار نتنا، والاخر في واد فسيح بمياه متجددة لا تطالها رتابة المشهد ولا لسع "الناموس" ولا عفن الضفادع.

الرمادي لون الثروة، في مجتمع يريد أن يسكر لكنه يرفض السكير، مجتمع يريد أن يغتني لكنه يرفض القمار، هكذا يصبح الرمادي لون بعض المغتنين على ظهر البؤساء، لونا مفضلا جميلا ربيعيا زهوا به كل الوان الدرهم و الدولار و الأورو وحتى الين من يدري.

هؤلاء يضحكون على اولائك، وأولائك يعرفون ذلك جيدا، لكنهم يغمضون عيونهم ويتركون اللحظة تمر وللغد ناظر قريب.

هؤلاء يمررون وصلاتهم ويعلنون الصلح مع اجساد المغاربة، ويقولون لهم تحركوا كونوا رياضيين ولا تجلسوا في الأرائك و "السدادر" لتشاهدوا فقط بل إصنعوا اللحظة بانفسكم، هي كلمة السر، تحركوا تررزقوا، تلك وحدها كافية لأن تعمي عيون القطب التلفزي المتمجد وتجعله يعلن "حسن نيته" ويمرر وصلة رغم أنف القانون، فالقانون لا يفهم في التوازنات و لا يعرف للحلم معنى، الأفضل خرقه وتمرير وصلة لصاحب القمار المغربي، وبكل شرف ونزاهة.

مناسبة القول، ما أشارت إليه بعض العقول النبيهة، التي إلتفتت إلى وصلة "أجي نتحركو"، التي ينتجها زعيم القمارين المغاربة، سي المشرفي..

الوصلة بوصلة تشير للغارق في بحر اليوميات، إلى شاطئ الحلم المغلف بالنصيحة، تلك روعة أن تكون قمارا كبيرا وروعة أن تجيد التحايل حتى على نفسك... روعة أن تعرف أن اللون الرمادي هو لون الثروة، وأن قنوات القطب المتجمد تصرف هذا الحلم بكثير من التأويل الفادح..