قضايا

رجل لا يحتاج إلى التضامن... و مواطنون بحاجة إلى الشجاعة

المصطفى كنيت

لم تصمد "قساوة" المصحات الخاصة أمام مجرد تصريح عادي لزهير الشرفي، الكاتب العام لوزارة الاقتصاد والمالية، الذي اتهمها، جهارا نهارا، بـ "سرقة " خزينة الدولة، من خلال فرضها، على المرضى أو ذويهم، الدفع نقدا، رغم أنها تتسلم الشيكات كضمانة، قبل أن يدخل المريض غرفة الإنعاش أو غرفة العمليات ليخرج منها و قد استعاد عافيته أو للقاء ربه.

و بإتباع هذا الأسلوب في الاستخلاص، لا تؤدي   المصحات الضرائب إلا على 10 في المائة من مداخليها أما 90 في المائة،  فتتحول إلى الجيوب أو الحسابات البنكية بالداخل، وربما بالخارج.

و لا يمكن تفسير هذا التهرب الضريبي بذكاء أرباب المصحات فقط، و لكن أيضا بتواطؤ بعض أعوان إدارة الضرائب، و خضوع المواطنين لإرادة "النهب"، ولا مبالاتهم، بعد أن سادت في المجتمع ثقافة " لي هو عوّام يقطع أكسيه"، و الأخطر أن  مواطنين تربى لديهم حقد دفين إزاء هذه الإدارة لدرجة أن الكثيرين لا يحبون فيها، ولو شعرة واحدة، لكثرة ما يمارسه بعض موظفوها من شطط، مقرونا أحيان بالابتزاز، و يكفي الإطلاع على سجلات المنازعات الضريبية المعروضة على اللجان المحلية واللجان الوطنية و المحاكم الإدارية ليتأكد سي عمر فرج من ذلك.

 وخيرا فعل عندما شرع في تطبيق "السعر المرجعي"، الذي سيزيل تعميمه الكثير من "المناورات" التي دأب عليها موظفو إدارته في التعامل مع "البائع" و "المشتري" أو هما معا.

في الواقع، زهير المشرفي، لم يقل إلا حقيقة، كان كل الذين اكتووا بنار أشعة المصحات أو شُقت جيوبهم بمشراطها، في حاجة إلى من يقولوها، لذلك، هم اليوم، يقودون حملة لإدانة ممارسات أصحاب المصحات أكثر منها للتضامن مع الكاتب العام لوزارة الاقتصاد والمالية.

و أظن أن زهير المشرفي، ليس بحاجة إلى من يتضامن معه، لأنه يتحدث من موقع المسؤولية، ومن موقع العارف بخبايا الأمور، والمطلع على الملفات، بعد أن تقلب في الكثير من المسؤوليات في الوزارة، و إنما المواطنون هم من بحاجة إلى الشجاعة لرفض الابتزاز الذي تمارسه عليهم المصحات، حتى يصبح هذا "التضامن" بداية لفرض التعامل مع المرضى بشفافية، لا مجرد حملة عابرة.