محمد بهضوض: دردشة رمضانية (18/30)

المجتمع (3/3)
***
المجتمع

"لا وجود للمجتمع". هذا ماقالته م. تاتشر، وهي تدافع، مع ر.ريغان، عن المشروع النيوليبرالي الصاعد وقتها. كما قيل ذلك قبلها وبعدها، إلى حد دفع عالم الاجتماع أ.توران، إلى الحديث بدوره عن "نهاية المجتمعات".

فهل ثمة مجتمع؟ وهل مازال قائما أم انتهى؟ يتوقف الجواب على مفهومنا للمجتمع. وهو مفهوم مركب، يرى عموما أن المجتمع هو: مجموعة أفراد يعيشون، بشكل منظم، في مكان معين، ويسعون لهدف مشترك.

بهذا المعنى، فالمجتمع يمكن ان يكون آليا أو عضويا ، ماديا أو رمزيا، وطنيا أم دوليا، بشريا أم حيوانيا حتى (مثل حديثنا عن "مجتمع النحل"). يبقى أن الفصل الاهم هو الذي يتم إجراءه عادة بين الدولة والمجتمع.

ومن هنا الأسئلة التالية: هل المجتمع طبيعي أم مصطنع، فدرالي أم موحد؟ ما طبيعة علاقته بالدولة (الطاعة، القانون)؟ وما هي مرجعيته، هل السياسة ام الثقافة أم الدين أم المصلحة أم المصيرالمشترك أم ماذا؟.

لا سبيل لمعرفة ذلك بالتدقيق، بحكم تنوع الحالات. لكن المجتمع قد يكون خليطا نسبيا بين كل ذلك. ما يجعله مفتوحا للتفاهم والانسجام (النحن، الوطن، الهوية) كما للاختلاف والصراع (السياسي، الطبقي، الاثني...).

وبالتالي ، فهو في تشكل أو تغيير مستمر (التغيير الاجتماعي). وعوامل هذا التشكل أو التغيير عديدة (دولية/وطنية، سياسية/اقتصادية، اجتماعية/ثقافية، إرادية/غير إرادية.. )، ليس من السهل داءما التحكم في دوافعها أو نتائجها.

وهنا يمكن تفسير كل النظريات التي ظهرت في هذا الصدد، كانت دهرية (ليبرالية، اشتراكية، فاشية..) أم دينية (معتدلة، اصولية...)، والتي لكل منها مفهومها "للمجتمع المثالي" التي تحلم به أو تود تحقيقه على الأرض.

يبقى أن هناك فرضية تقول إن المجتمع العضوي في طريقه إلى التفسخ أو التحلل. وهذا نتيجة طبيعة النظام الرأسمالي التي تدفع الى تفكيك كل الروابط السياسية-الاجتماعية (الدولة، الأسرة، الحزب، الجمعية..) لصالح الفردانيات المنعزلة لا غير، على نحو ما عبرت عنه تاتشر أعلاه.

هل هذه الفرضية صحيحة أم لا؟ لا أدري. لكنها مطروحة على كل حال.