سليمة فراجي: موقف المشرّع الغربي من تقنين القنب الهندي

عادة لما أكون ببلد ما أحاول أن أطلع على مساراتهم وعمرانهم وهندسة تشييد مآثرهم، وخاصة قوانينهم ونظمهم لما خلفته لدي لجنة العدل والتشريع من حب الاطلاع على النصوص وإجراء مقارنة وقياس مع قوانين معمول بها في بلدي.

وفي هذا الإطار، وأنا متواجدة بمدينة شيكاجو بالولايات المتحدة الأمريكية لفت انتباهي أن البارحة أي بتاريخ 28 يونيو تم تمرير تقنين القنب الهندي أو الماريجوانا بولاية الإيلينوا l’Illinois التي تعتبر مدينة شيكاجو أكبر مدنها، علما أن 11 ولاية من الولايات المتحدة آخرها ولاية الإيلينوا قننت تناول والاتجار حسب الرخص المسلمة والمراقبة بخصوص مادة القنب الهندي.

وللإشارة، فقد أثبتت التجربة في ولاية الكولورادو Colorado التي مررت وطبقت القانون منذ خمس سنوات أن تقنين عملية اقتناء وبيع هذه المادة كان جد إيجابي، ذلك أنه بالإضافة إلى كونه رفع من مداخيل خزينة الدولة أربع مرات، فإن حوادث السير لم ترتفع قط، كما أن عدد الجرائم المرتبطة ارتباطا وثيقا بتناول المخدرات انخفض بمعدل 52 في المائة طبقا لقاعدة كل ممنوع مرغوب فيه، على اعتبار أن إضفاء الشرعية على الاستهلاك والترويج جرد الأمر من حب الممنوع ومحاولة اقتنائه بأي ثمن، الأكثر من ذلك فإنه في إطار استثمار المداخيل المتحصل عليها من عملية تقنين القنب الهندي عن طريق فرض ضرائب مهمة على الناشطين في هذا الميدان مكن من ضخ المبالغ المتحصل عليها في التربية والتكوين وكذلك في تقوية الجهاز الأمني وتحسين ورفع أجور رجال الأمن ومحاربة الجريمة، كما أنه تم القضاء على جميع العمليات غير المشروعة ووسطاء المخدرات الذين كانوا يجنون أموالا طائلة في إطار غير مشروع، كما أنه وقع تحسيس الشباب بمخاطر تناول هذه المادة إلى حدود سن 25 سنة لما للمادة من تأثير على الجهاز العصبي، علما أن المخدرات الصلبة ممنوعة منعا تاما لما لها من آثار مدمرة للصحة والمجتمع.

وإذا كانت إحدى عشرة ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية قننت القنب الهندي آخرها دخول القانون أمس إلى حيز التنفيذ في ولاية الإيلينوا، كما قننته كندا وهولندا وأستراليا والنمسا وبلجيكا بنسبة ثلاثة غرامات، وكرواتيا وليسطوانيا وإيطاليا واللوكسمبرغ والمكسيك والبرتغال بنسبة 25 غراما، وإسبانيا التي تبيح الحيازة والتدخين في أماكن خاصة ولكن في أماكن عامة يتم العقاب غرامة بغرامة قدرها 30000 أورو؛ في حين هناك نوادي غرس القنب الهندي، بالإضافة إلى عدم التجريم في سويسرا.

استنتج من هذا الملاحظات أن المغرب أحيانا يعاب عليه أن له مساحات من القنب الهندي ولا يستحيي بعض من يدمر أبناء وطننا ويغرق مدننا الحدودية بالحبوب المهلوسة من وصف المغرب بهذا الوصف القدحي، الذي نحت وانتصرت معظم الدول المتقدمة إلى تقنينه وضخ أمواله في التربية والتكوين والتحسيس، المغرب سيخضع طبعا لضغوط الاتحاد الأوروبي الذي تتجه أرادته نحو التقنين ولا يريد أن يصبح المغرب منافسا له.

وللإشارة، فقد سبق لفريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب أن نظم يوما دراسيا سنة 2013 حول نبتة القنب الهندي بالمغرب ومختلف استعمالاته في المجالات الطبية وكذا في مجال التصنيع، ولكن بدل أن تتم دراسة الموضوع من منظور علمي واستثماري وتنموي ووجهت المبادرة بمزايدات سياسوية لا تتلاءم إطلاقا مع عجلة التنمية والدفع بالحركية الاقتصادية وإيجاد الحلول البديلة لمواجهة الاغتناء اللامشروع والذي فرض وجوده ضدا على القانون عن طريق المشروعية، ناهيك عن انتشار ترويج الحبوب المهلوسة التي أصبحت سلاحا مدمرا لناشئة المستقبل وارتباطها الوثيق بالجرائم المروعة التي يزداد عددها وبشاعتها يوما بعد يوم.