على باب الله

شجرة "البيرول" و كأس شاي بنكيران

المصطفى كنيت

لا تحتاج إعادة إيواء 54 عائلة  تقطن بدور الصفيح إلى إعدام سبع هكتارات من أشجار "البيرول"، لكن شركة "العمران"، لا تهمها لا  زقزقة العصافير، و لا توفير الأوكسجين للمواطنين، بل بسْطُ يدها على وعاء عقاري، بتواطؤ مع المجلس البلدي للرماني ...  أمام صمت مريب للمندوبية السامية للمياه والغابات، و القطاع المكلف بالتنمية المستدامة...

ما يسيل اللعاب حقا في هذه القضية هو القطع الأرضية المخصصة لـ "الفيلات"، ولا يمكن لعاقل أن يصدّق أن 54 أسرة فقط، أظن أنها تقطن خارج المدار الحضري، وتمارس أنشطتها في تربية المواشي، تحتاج إلى كل هذه الأرض، التي تصلح للرعي أكثر منها للبناء، تماما كما لا يمكن أن أصدق أن عبدالإله بنكيران لا يجد ما يقدمه من شاي وحلوى للضيوف، وأنه يفكر فعلا في أن يصبح سائق طاكسي ( والعهدة على سي عبدالصمد بلكبير)، تحتاج قيادته إلى الحصول على  رخصة الثقة.

و أظن أن الثقة هي العنصر الأساسي المفقود في هذا المشروع، حتى بالنسبة لأولئك الذين يضعون نصب أعينهم الاستفادة من قطع أرضية ـ وهذا من حقهم ـ لتشييد " فيلات".

و إذا كان بنكيران، الذي يحصل على تقاعد استثنائي بسبع ملايين في الشهر لا يجد ما يقدمه من شاي وحلوى للضيوف، فإن سبع هكتارات من غابات الرماني، لن تكفي المجلس البلدي و "شركة العمران" لإعادة إيواء سكان دور الصفيح، الذين قد يُؤْتى بهم من خارج المدينة، لسبب بسيط هو أن السياسة لم تعد تتحكم فيها الأخلاق بل الجشع والمصالح والنفاق.

ومن حق المواطنين، في هذه الحالة، التصدي لهذا المشروع، و تقديم الشكايات و توقيع العرائض، لحماية التاريخ الطبيعي والجمالي لمدينتهم، رغم أني مقتنع أن أغلبهم لن يقدم على ذلك، لأن الذاكرة الجماعية، التي تصون المشترك، تعرضت لعملية مسخ.

فهنيئا لسكان دور الصفيح بإعادة الإيواء، وهنيئا للراغبين في بناء "فيلا"، فأخيرا أصبح بمقدورهم تحقيق هذه الحلم على حساب أشجار "البيرول"، التي تنمو في البيرو، و حمل مشاتلها المعمرون، الذين أحبوا المدينة، أكثر من بعض أبنائها اليوم.