على باب الله

قاصح صك من كذّاب

المصطفى كنيت

بعض "المقالات" التي تحاول الدفاع عن عزيز أخنوش، تسيء إلى الرجل أكثر مما تلمّع صورته.

أخنوش مجرد إنسان، وبالتالي فهو ليس منزها عن الخطأ، وقد اجتهد البعض، بعد فضيحة "تغازوت باي" أن يحمّل المسؤولية كلها إلى رجال السلطة، وأن يلقي بتبعات المشروع كله على ظهرها، كما يحاول البعض اليوم أن ينسب "الحكامة" كلها له، لمجرد أن الحزب قرر أن يعيد 185 مليون سنتيم من أموال الدعم العمومي بمناسبة الانتخابات إلى وزارة الداخلية، رغم أن إرجاعها إلى الخزينة العامة يفرضه القانون قبل أن تمليه "الحكامة" المفترى عليها.

فأخنوش ليس مستثمرا عاديا، في حالة "تغازوت باي"، يضطر إلى الطواف بين الإدارات من أجل الحصول على وثيقة أو رخصة، فهو أحد ملياديرات المغرب، الذين تقاس ثروتهم بالدولار و ليس الدرهم، و هو زعيم حزب سياسي، كسّر يد عبدالإله بنكيران على الطاولة في رهان "القوة"، في مفاوضات تشكيل الحكومة، فغادر  المعركة مهزوما، و لا زال صدى أنينه يتردد إلى حد الآن، ومنذ ذلك اليوم لم تقم قائمة لبنكيران، ولم تبق فيه إلا "الهدّه" بلغة لاعبي كرة القدم.

وأخنوش أيضا هو وزير فوق العادة مكلف بتدبير قطاعات اقتصادية حيوية منذ عقد و نصف من الزمن ( منذ حكومة عباس الفاسي في 2007).

و لا أظن أن رجل سلطة سواء أكان واليا أو عاملا، فبالأحرى قائد، بمقدوره أن يرفض التوقيع على وثيقة أو رخصة استثنائية تخصه، أو أن يقترب من مشروع يبنيه، لأن له من " النفوذ" ما قد يعصف به من قبل أن يرتد له طرفه.

و لا شك أن السيد عزيز أخنوش، استغل كل الحظوة، من أجل اقتراف تجاوزات " صغيرة" ، غض عليها الجميع الطرف، غير أنها غذت تكبر يوما بعد يوم إلى أن كادت تتحول إلى ورم خبيث في جسم الاقتصاد الوطني.

يكفي ما رصده تقرير اللجنة الاستطلاعية حول المحروقات، و تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول مخطط المغرب الأخضر، وما وقف عليه ملك البلاد بنفسه في "تغازوت باي".

و من العيب، والحالة هذه، أن يجتهد البعض، للأسف، في إيجاد تبريرات لكل هذه الأخطاء، حتى لا نقول جنحا أو جرائم، وأن نحمل المسؤولية لرجال السلطة و أعوانها، و ندعي أن هدم "فيلات" لم تحترم قوانين التعمير و التصاميم، يهدد الاستثمار في المغرب، و يزرع الخوف في نفوس المستثمرين ، لأن الاستثمار الحقيقي، هو أن يكون جميع المواطنين سواسية أمام القانون، وأن يلتزموا بقواعد المنافسة الشريفة، و احترام هوامش الربح، و ويتفاعلوا مع تقارير المؤسسات الدستورية لا أن يطعنوا في مصداقيتها و يهجموا عليها، لمجرد أنها رصدت اختلالات في مخططات أنفق عليها المغرب الملايير من الدراهم المقتطعة من أموال دافعي الضرائب.

وأخنوش ليسا "ملاك" أيضا، لا يتسرب الخطأ لسلوكه. وكان على الذين أرادوا أن يحسبوا له  حسنة( الله يعجلها في الميزان مقبولة) إرجاع ذلك المبلغ الزهيد بالقياس مع ثروته  أن ينأوا بأنفسهم عن صلاح الدين مزوار وأن لا ينسبوا له " الأخطاء التدبيرية "، التي كشفتها ما سموه "صرامة" أخنوش، لأنه لو كان صارما بالفعل لما أطلق العنان للمهندسين في "فيلات" مشروع "تغازوت باي" فضربوا بالتصاميم عرض الحائط، و لما ترك الأيادي القذرة تعبث بمخطط "المغرب الأخضر"، ولخفف على المواطن المسكين لهيب أسعار المحروقات التي نزل سعر البرميل منها إلى أقل من 50 دولار من دون أن ينعكس ذلك على الأثمان في محطات الوقود...

اللحظة تاريخية لا تقتضي المدح والإطراء من باب تخفيف ما نزل أو إعادة البشاشة إلى وجه تكشف تقاسيمه أن قلبه مهموم، لأنه على رأي المثل الشعبي: " قاصح صك من كذاب".