وزير الخارجية المغربي لابد وأن يكون استحضر كل هذه السياقات الأمنية والدولية، وهو يستقبل ستافان ديمستورا من أجل نقل وجهة نظر المغرب حول العملية السياسية، وهي وجهة نظر تجد سندها في خطابات الملك خاصة تلك التي أكد فيها على الثوابت المغربية في علاقة المغرب بهذا النزاع المفتعل، وهي ثوابت تستند إلى الحقوق التاريخية والشرعية للمغرب في صحرائه غير القابلة لأي تصرف، وعلى شرعية مرتكزة على قرارات مجلس الأمن التي تبنت وجهة نظر المغرب واعتمدت مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لطي هذا الملف، ومرتكزة على كل التقدم المحرز في المنطقة سواء على مستوى الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، أو من خلال افتتاح قنصليات أمريكية بالصحراء، أو كذلك من خلال الاستثمارات التنموية الكبيرة التي قام بها المغرب في هذه الأقاليم، وهي استثمارات أحدثت صورة تنموية بالمنطقة.
هذه المرجعية التي ارتكزت عليها الخارجية المغربية وهي ترفع لاءاتها الثلاث في “وجه” دي ميستورا، هي مرتكزات لا تعكس فقط قوة الموقف المغربي، بل أيضا تؤكد على كون ملف الصحراء عملياً أصبح محسوماً، ويحتاج فقط إلى شجاعة سياسية من طرف الأمم المتحدة مادام أن مختلف أجهزتها قد أقرت بكون المبادرة المغربية هي الحل الوحيد لطي الملف بعد أن قامت بإقبار ” استفتاء تقرير المصير” باعتباره حلاً غير واقعي، ولا يستجيب للمعايير التي وضعتها الأمم المتحدة لإنهاء هذا الملف، من هنا ينطلق المغرب وهو يتوجه للمبعوث الأممي من منطلق الشرعية الدولية والمشروعية التاريخية، هما معاً يشكلان عنصر قوة سياسي داعم للمبادرة المغربية، ومتبني للحكم الذاتي كحل وحيد.
الخارجية المغربية رفعت لاءاتها الثلاث، وهي لاءات يمكن تقديمها بالشكل التالي:
لا مباحثات سياسية خارج الموائد المستديرة باعتبارها الشكل الذي حددته الأمم المتحدة منذ المبعوث السابق لحلحلة الملف، وهي الموائد التي على أساسها انطلقت عليها لقاءات جنيف الأولى والثانية، بطرفيها الرئيسيين المغرب والجزائري ثم موريتانيا وتنظيم مليشيات البوليساريو.
لا حل خارج مبادرة الحكم الذاتي، وهي المبادرة التي أصبحت منذ سنة 2018 والأمم المتحدة تعتبرها الحل الوحيد لطي الملف سواء من خلال إسقاط مقترح “استفتاء تقرير المصير” أو من خلال تبني المعايير السياسية لهذا المخطط الذي وضعه المغرب للأمم المتحدة الذي على أساسه سيتم طي الملف.
لا نقاش مع تنظيم مليشياتي مسلح، يهدد المنطقة وله ارتباطات مع تنظيمات إرهابية على رأسها داعش، خاصة وأن هذا التنظيم سبق له أن أعلن أنه خارج اتفاق وقف إطلاق النار، وهو قرار بمثابة إعلان الحرب على الأمم المتحدة، كما أن تحركاته في المنطقة تعيق عمل ومهمة بعثة المينورسو، مما يجعله تنظيما خارج العملية السياسية ولا يمكن أن يكون جزءاً من أية عملية سياسية، وهو بهذه المواصفات الإرهابية.
هذه اللاءات الثلاث التي رفعتها الخارجية المغربية هي تعبير عن موقف مغربي واضح، سبق للملك أن أكد عليه غير ما مرة خاصة على مستوى ” ألا حل خارج مبادرة الحكم الذاتي”، وهو التأكيد المنسجم مع تطور العملية السياسية وقرارات مجلس الأمن، هنا لابد من فتح قوس حول ديميستورا، هذا الأخير هو من فتح المجال أمام المغرب ليرفع لاءاته في وجهه، بسبب التحركات التي يقوم بها وبسبب عدم قدرته على فرض تطبيق الحل السياسي كما صدر عن مجلس الأمن “قرار2703″، وعدم قدرته على العودة إلى حيث انتهت مباحثات جنيف في شوطيها.