تحت المجهر

حرب الاغلبية... نيران صديقة تصيب الشأن العام في مقتل

عبد العزيز المنيعي

ربما لأول مرة في تاريخ الحكومات المغربية، تظهر مثل هذه التصدعات والهزات و الرجات المتوالية التي تهدد بنيان التحالف الحكومي في أي لحظة بالإنهيار.

ما عهدناه سابقا، أن ما في الطنجرة يبقى فيها، ولا ياكل الرأي العام من المأدبة غذا إحترقت، لكن مع حكومة العثماني، وقبله حكومة بنكيران، صار المواطن وحده مدعوا لمأدبة إحترق طعامها بعد أن فسد وخارج التبريد. فصهد الملاسنات، و التصريح و التصريح المضاد، والتغريدات و التدوينات، جعلت أي طبخة ولو على مهل تحترق قبل اوانها.

المتأمل للوهلة الاولى، للمشهد السياسي بشكل عام، يعرف أن هناك شيء لا يستقيم أبدا، ولا يمكن أن يستقيم، هو تحالف الظرفية دون إقتسام المبادئ الأساسية، ودون سقف سياسي يوحد هذه المكونات، سقف يسمى توافق الرؤية، وليس فقط سياسة "التعناق و البوسان"، بل سياسة الإمتداد في الأفكار وتوحيد الرؤى.

ما ضجت به المواقع الإخبارية قبل يومين، هو مخاض يعود إلى ماقبل تشكيل الحكومة، غلى مفاوضات اللحظة الاخيرة، وقبول هذا بدل ذاك، ليس لأنه يقتسم معي القناعة، بل لأنه معي "وصافي".

هذا الحرب المستعرة بين مكونات الأغلبية، وخاصة البيجيدي والاحرار، هي بلغة أخرى نيران صديقة، لكنها لا تصيب المتحاربين في جبهتها، بل تصيب ميدان الحرب، الذي هو الشأن العام، الذي أصي وتمت معالجته، وأصيب مرة أخرى وتمت معالجته أيضا، لكن مع توالي الإصابات لا يمكن لأمهر الجراحين أن يعيد له عافيته إلا بإنتفاء شرط علته وهو إختفاء تلك النيران الصديقة، وبالتالي إختفاء من يطلقونها، وإعادة تشكيل مشهد يليق بالمغرب في حداثته وأفقه الكوني..

الحقيقة أنه امام ما يتم إنجازه في المغرب، يبدو فيه السياسي مجرد فتى عابث لا يعرف أين يضع حلمه..