فن وإعلام

الصحف الورقية تثير الجدل بين الوزارة والمجلس... مستشار الوزير عبيابة يرد على رئيس المجلس الوطني للصحافة

كفى بريس

رد خالد الشرقاوي السموني، مستشار وزير الثقافة والشباب والرياضة، على تصريح ليونس مجاهد رئيس المجلس الوطني للصحافة، بخصوص توقيف الطبعات الورقية للصحف الوطنية.
وقال الشرقاوي في رده الذي توصلت "كفى بريس" به، إن يونس مجاهد رئيس المجلس الوطني للصحافة صرح في استجواب له مع مجلة Maroc Hebdo لعدد الثلاثاء 24 مارس 2014 أن الوزارة (   يقصد وزارة الثقافة و الشباب و الرياضة  الناطق الرسمي باسم الحكومة) لم تستشر المجلس الوطني للصحافة قبل الدعوة إلى تعليق إصدار ونشر الجرائد و أن ليس لها الحق في أن تقرر في مجال الصحافة ، كما أن الدعوة غير ملزمة بالنسبة للمقاولات الصحفية التي يمكن لها الاستمرار في نشر و توزيع مطبوعاتها ، ثم أضاف أن قطاع الصحافة لا يخضع للوصاية من قبل أية جهة.
وحسب الشرقاوي، فإن هذا التصريح غير مؤسس من الناحية القانونية، لذلك فإنه تنويرا للرأي العام  و للجسم الصحافي، رد عليه فيما يلي :
أولا : بالرجوع إلى القانون رقم 90.13 صادر بتاريخ 7 أبريل 2016 و القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة ، و لا سيما المادتين الثانية والثالثة منه ، نجد أن بين اختصاصات المجلس إبداء الرأي في شأن مشاريع القوانين و المراسيم المتعلقة بالمهنة أو بممارستها، وكذا في جميع القضايا المعروضة عليه من لدن الإدارة.
 و بناء عليه ، فإن القانون حدد على سبيل الحصر النصوص التي يمكن للمجلس إبداء الرأي بشأنها و هي مشاريع القوانين و المراسيم التي تتخذها الحكومة في مجال مهنة الصحافة أو بممارستها ، وفيما عدا ذلك من قرارات إدارية تتخذها الوزارة لا يجوز له أن يطلب إبداء الرأي بشأنها ، اللهم الا اذا أحالت إليه قضايا لإبداء الرأي بشأنها ، بصفة اختيارية و ليس إلزامية ، كما جاء في المادة الثانية من القانون سالف الذكر عندما نصت : " وكذا في جميع القضايا المعروضة عليه من لدن الإدارة ".
فضلا عن ذلك ، فإن القانون رقم 90.13  حدد اختصاصات واضحة للمجلس ، من بينها أساسا التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر؛ وضع نظامه الداخلي الذي يصادق عليه بنص تنظيمي ؛ وضع ميثاق لأخلاقيات المهنة ؛ منح بطاقة الصحافة المهنية  و سحبها ؛ ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء و الأغيار ؛ ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين ؛ ووضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في التزام لقواعدها و أخلاقياتها و السهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ ووضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة ، وهذه أنظمة داخلية تهم جسم الصحفيين و التنظيمات المهنية المتعلقة بهم ، فلا تتجاوز أن تكون مقررات تنظيمية ينتظم وفقها الصحفيون في القطاع الخاص، و لا تشمل الصحفيين الذين يعملون بالقطاع العام كما هو الشأن بالنسبة لصحفيي وكالة الأنباء المغربية( MAP) الذين يعتبرون مستخدمين بالوكالة و يضلون خاضعين لنظامه  الأساسي الخاص ، كما نصت على ذلك المادة 3 من القانون رقم 89.13 صادر في 27 أبريل 2016 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين  . كما أنه هذه الأنظمة لن تكون أبدا أنظمة ذات طابع تنظيمي كما هو الشأن بالنسبة للسلطة التنظيمية الني تبقى حكرا على الحكومة بمقتضى الدستور .
بيد أن الحكومة ممثلة في قطاع الإتصال ، تبقى مسؤولة عن إعداد وتنفيذ سياسة الحكومة في مختلف ميادين قطاع الاتصال، من صحافة مكتوبة واتصال سمعي بصري وإشهار وسينما وحقوق المؤلفين والحقوق المجاورة ، و إعداد دفاتر التحملات وعقود البرنامج مع الهيئات العمومية المتدخلة في القطاع في اتجاه إسهامها في تحقيق أهداف السياسات العمومية وإصلاح القطاع ، و تطوير وتنظيم المهن المرتبطة بقطاع الاتصال وتشجيع الشراكة مع المهنيين في الميدان والفاعلين بالقطاع العمومي والخاص. ويعهد إليها  أيضا ، وفقا لأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، بالوصاية على المؤسسات العامة والأجهزة الأخرى التابعة لسلطتها.
أكثر من ذلك ، فإن المجلس في علاقته بالحكومة ( قطاع الاتصال) فهو فقط سلطة اقتراحية، أي يقترح على الحكومة ما يمكن أجرأته في مجال الصحافة و النشر ، كما جاء في المادة الثانية من القانون رقم 90.13 المشار إليه : "  اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة و النشر و تأهيله و تحديثه" . هذا مع العلم أن تطوير قطاع الصحافة و النشر و تأهيله و تحديثه هو اختصاص أصيل للسلطة الحكومية المكلفة بالاتصال.
وصعد الشرقاوي من لهجته في الرد على رئيس المجلس، قائلا، "إن الادعاء بكون المجلس الوطني للصحافة مؤسسة دستورية ، لا يستقيم مع القانون و لا يقبله العقل ، لسبب واحد هو أن المؤسسات الدستورية محددة على سبيل الحصر بمقتضى دستور 2011 ، و بالتالي لن يعدو أن يكون هذا المجلس مؤسسة صحافية تستشيرها الحكومة في مجال تنظيم مهنة الصحافة كلما كان الأمر ضروريا و مفيدا .
ثانيا :  دعوة وزير الثقافة والشباب والرياضة جميع ناشري الصحف والجرائد الورقية إلى تعليق إصدار ونشر وتوزيع الطبعات الورقية، وذلك ابتداء من يومه الأحد 22 مارس 2020، وحتى إشعار آخر، تأتي في إطار حالة الطوارئ الصحية المعلنة في المملكة، و ضمن حزمة من الإجراءات الاحترازية الجديدة لمجابهة تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد جراء التداول اليومي للمطبوعات الأمر الذي قد يسهم في انتقال العدوى نتيجة ملامسة أعداد كبيرة من الأشخاص للصحف والمجلات والمنشورات ، مما يحتم الحفاظ على صحة المواطنين تفعيلا للدستور المغربي و انسجاما مع توصيات منظمة الصحة العالمية .
هذا مع الإشارة إلى أن المؤسسات الصحفية المعنية ستستمر في توفير خدمة إعلامية في صيغ بديلة في الظروف الحالية، والمساهمة إلى جانب باقي مكونات الإعلام الوطني، في جهود الإخبار والتحسيس والتوعية الموجهة للمواطنين ."
و حسب الشرقاوي، فإن هذه الدعوة التي أطلقها وزير الثقافة و الشباب و الرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة ، و التي استحسنها الصحافيون و مهنيو القطاع ، تستند إلى القانون  و فرضتها الحالة الاستثنائية التي تشهدها بلادنا و المتجلية  في حالة الطوارئ الصحية.
فبالنسبة للأساس القانوني الذي يخول للوزير اتخاذ مثل هذه الإجراءات :
- المرسوم رقم 782-06-2 الصادر في 11 مارس 2008 بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة الاتصال و لاسيما المادة الأولى منه التي تخول   للوزير الحسن عبيابة ، بصفته مشرفا على قطاع الاتصال ، بإعداد وتنفيذ السياسة الحكومية في مختلف ميادين قطاع الاتصال  و على رأسها الصحافة المكتوبة ، و بالتالي يمكن له اتخاذ إجراءات تنظيمية و إدارية احترازية لتدبير عملية إصدار ونشر وتوزيع الطبعات الورقية و تعليقها بصفة مؤقتة بما يخدم الصالح العام ، و في إطار الاحترام التام للدستور الذي يضمن حرية الصحافة ، و قانون الصحافة و النشر و اختصاص السلطات القضائية في هذا الشأن .
-  المرسوم 95-19-2 الصادر في 22 أكتوبر 2019 يتعلق باختصاصات وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة، حيث تم إلحاق جميع المؤسسات التابعة لوزارة الإتصال سابقا، بوزارة الثقافة والشباب والرياضة. و قد أوضح مرسوم رئيس الحكومة أن مهام الإشراف على  هذه المؤسسات أوكلت إلى الحسين عبيابة وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة، الأمر الذي يعزز صلاحيات هذا الوزير المنصوص عليها في المرسوم المشار إله أعلاه.
 و بالنسبة للظرفية الاستثنائية التي تفرض تعليق إصدار ونشر وتوزيع الطبعات الورقية لفترة مؤقتة ، نذكر بشكل أساسي :
المرسوم رقم -29320 2- الصادر في 22 مارس 2020 يتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا – “كوفيد 19” ، و الذي يندرج في إطار التدابير الوقائية الاستعجالية التي تتخذها السلطات العمومية من أجل الحد من تفشي جائحة الفيروس ابتداء من يوم 20 مارس 2020 في الساعة السادسة مساء إلى غاية يوم 20 أبريل 2020 في الساعة السادسة مساء.
و  هذا  المرسوم يؤهل السلطات العمومية المعنية ، بما فيها وزارة الثقافة و الشباب و الرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة ، لاتخاذ كافة التدابير المناسبة والملائمة كلما كانت حياة الأشخاص وسلامتهم مهددة من جراء انتشار أمراض معدية أو وبائية ، تفاديا للأخطار التي يمكن أن تنتج عنها.
 و بما أن التداول اليومي للمطبوعات قد يسهم في انتقال العدوى نتيجة ملامسة أعداد كبيرة من الأشخاص للصحف والمجلات والمنشورات، فإن الوزير المكلف بالاتصال يصبح من واجبه تعليق إصدار هذه المطبوعات بشكل استعجالي ، تنفيذا للمرسوم رقم  293- 20 – 2  الصادر في 22 مارس 2020 المشار إليه .
وختم الشرقاوي بالقول ، "لا بد من الإشارة إلى أن الرد على التصريح المشار إليه أعلاه كان ضروريا ، من الوجهة القانونية ، لرفع بعض الملابسات  بخصوص مجال اختصاص المجلس الوطني للصحافة في علاقته بالحكومة ، و لم يكن هدفنا التنقيص من مكانة هذا المجلس الذي نعتبره شريكا رئيسيا للقطاع ، و إضافة نوعية و مهمة في المشهد الإعلامي المغربي ، من شأنه تعزيز الديموقراطية ببلادنا و المساهمة في تطوير مهنة الصحافة و حماية حريتها ، و التدبير الجيد لمنح البطاقة المهنية للصحافة و سحبها ، و التنظيم الذاتي للجسم الصحافي و حل كل المنازعات التي قد تطاله، في ظل الوساطة و التحكيم ، وذلك بناء على السلط المهمة التي أنيطت به."