قضايا

حيتان في بحر الجائحة... في الحاجة إلى تأمين ضد مخاطر شركات التأمين

عبدالعزيز المنيعي

الجائحة مثل ريح عاتية تعري العورات التي تتستر "بديال الناس"، وتكشف أعطابا كارثية تتفكك مثل زجاج سيارة تعرضت للتهشيم في مباراة كرة القدم.

قطاعات أبانت عن جدواها وكانت معلما لنا في المحنة، وقطاعات اخرى ترامت على يومياتنا مثل "الباطل"، ونهشت لحمنا ودمنا، مثل قطاع التعليم الخاص، الذي يحتاج إلى من يعلمه أصول المواطنة وأصول التضامن وقبل كل شيء أصول القناعة.

قطاع أخر اكبر وأقوى من التعليم الخصوصي، قطاع يعتبر من حيتان المعيش المغربي الذي يبتلع كل شيء من اسماك السردين حتى الصدفيات مرورا بأعشاب البحر، حيتان من نوع خاص جدا، لا يقف أمام بطنها و"صرطها" إلا الله سبحانه وتعالى.

إنه بكل بساطة قطاع التأمين، الذي نحتاج نحن المغاربة إلى تأمين من مخاطره، فكما تحتاج سياراتنا ومنازلنا وكل ممتلكاتنا إلى تأمين إجباري، فنحن أيضا في حاجة إلى تأمين إجباري ضد مخاطر شركات التأمين المترامية على ضفاف بحر الربح المتواصل.

المسألة ليس فيها تحامل أو محاولة تلفيق صفة "الصرط دون المضغ" لهذا القطاع، المسألة أرقام وحسابات وأرباح خيالية، في مقابلها تعويضات بئيسة وهزيلة لكل من تعرض لحادثة سير مثلا لا قدر الله، تعويضات يتم التفاوض بشأنها درهم بدرهم، في حين لا يمكنك التفاوض على مبلغ التامين على سيارتك حتى لو كانت قديمة قدم التاريخ فمبلغ تعويضها يتماشى مع اخر صيحة في موضة الاقتطاع.

لنعد إلى جادة كورونا، ونتأمل الذين ساروا على الرصيف يحملون بيانات بتحويلات بنكية حولوها لفائدة الصندوق الخاص بمواجهة فيروس كورونا، الذي أحدث بتعليمات من ملك البلاد.

بين كل العابرين لرصيف التضامن لن تجد موطأ قدم لما يسمى شركات التأمين، أو رقما حقيقيا وثابتا لهذه المساهمة التي تم الإعلان عنها دون أي تفاصيل كما لو كان الأمر يتعلق بإعلان نوايا فقط وليس الكشف عن قيمة المبلغ المحول تضامنا مع المغاربة في الجائحة.

لسنا هنا في مقام الحسابات حتى ننزل أرقام الأرباح والنتائج الاستثنائية لمداخيل بعض هذه الشركات، فلا يهم الرقم ما دام صاحبه بمجرد رؤيته تحيلك سحنته على تضخم شديد في الرصيد البنكي وفقر مدقع في التضامن وانفجار مهول في "البزطام" الحامل لكل بطاقات الاعتماد من كل صنف ونوع..

الحقيقية عند ذكر الحيتان، نشتهي "شي تبحيرة" في صيف البذخ التأميني المغربي..