قضايا

حين تفشل الأحزاب في تحقيق الحد الأدنى من المتابعة... والشيخة "طراكس" تحقق الأرقام القياسية

عبد العزيز المنيعي

لم يتابع ندوة شارك فيها الامناء العامين لثلاثة أحزاب من المعارضة، سوى 6000 ("مناضل" )، رغم الوسائل التقنية التي سخرت لها، و الصفحات الفايسبوكية، و ملصقات الدعاية و الإشهار ...

6000  متابع أو مشاهد، فيهم من تابع الندوة إلى نهايتها ومنهم من توقف من أجل احتساء فنجان قهوة أو شاي و منهم من تحملها حتى النهاية ..

هذه الأحزاب تمثل أزيد من ثلث البرلمان في كل غرفة من غرفتيه الاثنتين، لا تحظى حتى بواحد في المائة من متابعي الشيخة " طراكس" في الدقائق الاولى لإطلاقها فيديو كليب على يوتوب أو أغنية لسعد للمجرد..

الندوة التي عقدت بتقنية المباشر عن بعد، ليلة الأحد و أشرفت على تنظيمها شبيبات أحزاب المعارضة، وهي حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية وحزب الأصالة والمعاصرة، كانت عبارة عن خيبة أمل جديدة في "المناضلين" قبل عموم المواطنين، مع العلم أن كل حزب لديه قاعدة كبيرة كما يقول.

هذه الواقعة التي لا تعتبر جديدة على المشهد الحزبي، لكنها أضحت بملامح واضحة وجلية، وأكثر بروزا في الآونة الأخيرة، تدفعنا للتساؤل:

ماذا يحصل للأحزاب؟

هل هناك أزمة تواصل بين الأحزاب المغربية والمواطن؟

هل هناك عزوف للمواطن المغربي عن متابعة المشهد السياسي خاصة في شقه الحزبي؟

الأجوبة لا يمكن حصرها في شكل واحد من أشكال التجليات، مثل الندوة السالفة الذكر، بل هي متعددة الملامح، لأنها أزمة ثقة قبل أن تكون أزمة تواصل، وأزمة نفور قبل أن تكون أزمة عزوف.

والحقيقة أنه منذ مدة تجلت ما تشبه القطيعة التواصلية بين المغاربة وأحزابهم، من خلال الإقبال المتدني على الانخراط في العمل السياسي الحزبي، وهو ما أدى إلى نكوص حقيقي في وظيفة هذه الأحزاب التي بقيت تغني على أسطوانة قديمة متهالكة ولم تتمكن من تغيير كلمات أغنيتها لتتماشى مع اليوميات المتجددة.

هذا ما يقوله الحزبيون أنفسهم، لكن ما يقوله الواقع، يؤكد أن شعرة الثقة انقطعت بين المواطن المغربي والحزب..

بالنسبة للمواطن، اليوم كل الأحزاب تتشابه، ليس هناك يسار أو يمين، ليس هناك معارضة واضحة ولا أغلبية أيضا بملامح ظاهرة، المشهد صار خليطا من التموقعات المتغيرة حسب حسابات سياسية تأتي في آخر لحظة.

بالنسبة للمواطن فالحزب الذي كان أمس في الحكومة، أخذ مكانه اليوم في المعارضة، وغدا سيعود إلى الحكومة، لا شيء يتغير سوى الخطاب واللغة السياسية من الدفاع عن الحصيلة الحكومية إلى مهاجمتها وإظهار عيوبها.