مجتمع وحوداث

فاجعة الصويرة: غربال العدل والإحسان و شمس الحقيقة

إدريس شكري

باسم الاحسان الذي يركب على مطية الدين سقط 15 ضحية من "فقراء" الدين يستغفلهم فقهاء الظلام، غير أن الجماعة التي تطلق على نفسها "العدل والإحسان"، و تتاجر بالرؤى التي لا تتحقق، و أضغاث الأحلام، أبت ـ مرة أخرى ـ إلا أن تحاول استغفال الذين تنطلي عليهم الحيل، من خلال  إضفاء بعد سياسي على حادث تزاحم عادي كان من الممكن أن يحدث في ملعب لكرة القدم أو سهرة غنائية، فخرج القيادي في صفوفها حسن بناجح في تدوينة "فيسبوكية" يريد أن يحمّل الحادث ما لا يحتمل،  و أن يشحنه من معين الحقد الذي تحمله الجماعة للدولة و النظام والمجتمع،  الذي لم ينسق وراء تطلعتها في تحقيق "قومة" مزعومة"، و فطن مبكرا لمخطاطتها التي تغرف من الإيديولوجيات البائدة لحوزة قم.

لكن، سي بناجح نسي أنه ليس من العدل في شيء، أن تتاجر الجماعة، بمآسي الناس، و أن تخرج الحادث من سياقه، الذي هو الإحسان غير المنظم، الذي تقوم به جماعات الإسلام السياسي ( والعدل والإحسان واحدة منهما)، من أجل تحقيق أهداف سياسية لا أقل و لا أكثر.

هذه هي الحقيقة، التي تحاول تدوينة بناجح أن تغطي عليها، و هذا هو صلب وعمق المشكل.

لقد فضح حادث سوق بوعلام جماعات الإسلام السياسي و أحزاب الإسلام السياسي، والجمعيات التي تسخرها من أجل القيام بمهمة الاستقطاب في كل المناسبات ( الدخول المدرسي/ الأعياد الدينية...) سواء تحت يافطة توزيع الإعلانات علنا في الأسواق الأسبوعية أو بقرع أبواب البيوت سرا تحت جنح الظلام.

ولا غرابة بعد ذلك أن تحاول العدل والإحسان والإصلاح والتجديد وغيرهما  إبعاد المسؤولية على نفسها، وتحميل المسؤولية للآخرين علما أن هذه الجماعات لا تحترم القوانين المنظمة للإحسان العمومي، و لا المساطر المتبعة في توزيع الإعانات بإسم الدين و التضامن والتآزر الاجتماعي وغيرها من المصطلحات الجاهزة التي تصب في حقل دلالي واحد هو الإحسان.

لقد أحست الجماعة بعزلتها، و هي لذلك تستغل أي حادث عرضي لتحاول "إسماع" صوتها المبحوح، الذي صمّت عليه الآذان، لكن السحر سرعان ما ينقلب على الساحر، لأن المنطق الذي تتبعه في التحليل لا يمكن أن يقنع أي عاقل، وفي ذلك أكبر دليل على الخرف الذي أصابها.