رأي

رشيد الحاحي: عن عريضة المطالبة بمرافق اجتماعية بدلا من بناء مسجد

تمثل عريضة المطالبة بمرافق اجتماعية بدلا من بناء مسجد التي أطلقها سكان حي أنزا بأكادير، حدثا مهما يفتح النقاش حول عدة قضايا وأسئلة تندرج ضمن الا مفكر فيه أو غير المفكر فيه نتيجة ما يلف الموضوع من تمثلات وترسبات اجتماعية مرتبطة بحساسية الدين وتضخم تصوره التراثي والتقليدي في المتخيل الجمعي، والتواطؤ العام على توظيفاته التي تسئ إليه وإلى مصالح المجتمع وتطوره.

يتوفر المغرب والمغاربة حاليا على أكثر من 45 ألف مسجد، ولعل هذا المعطى لوحده يؤكد مبرر وأهمية هذه المبادرة التي تفتح النقاش حول ظاهرة بناء المساجد وما تطرحه من أسئلة حول وثيرة التشييد المرتفعة خلال السنوات الأخيرة، وما هي المعايير المعتمدة في تحديد هذه الحاجة وفي اختيار الأماكن والمواصفات، حيث يلاحظ تقارب مواقعها وأحيانا تفرق وتنافس بل وصراع مرتفقيها ومتعاطفي أئمتها، وحول الأموال الباهظة التي تصرف على ذلك من طرف وزارة الأوقاف، وكذا في إطار العمل الاحساني الذي يلفه الكثير من الغموض.

إضافة إلى استمرار نفس التصور التقليدي حول وظيفة المسجد ووظائفه، واعتباره بناية خاصة بالصلوات ومعزولة عن محيطها وبقية أبعاد وحاجيات الحياة الاجتماعية للسكان، خاصة في القرى وبعض الأحياء الفقيرة التي تعرف وضعا اجتماعيا متدنيا وتفتقد إلى أهم البنيات الأساسية وتغيب فيها أدنى شروط الحياة الكريمة.

فلماذا لا تستغل بنايات المساجد القائمة، ومستقبلا يمكن تكييف تصاميمها مع هذه الوظائف، في تقديم خدمات أخرى بدل من الاقتصار على تقديم خدمة الخمس صلوات في بعض الدقائق لبعض الأفراد فقط؟

لماذا لا توظف بعض مرافق المساجد وميزانية ومداخل الأوقاف في توفير التعليم الأولي بأوساط مختلفة خاصة أمام العجز الكبير في تعميمه، لكن في إطار برنامج وزارة التربية الوطنية ومنهاجها ويشرف عليه مدرسون دوي تكوين عصري ويخضع لتأطيرها ومراقبتها؟

لماذا لا تقدم وزارة الأوقاف مثلا على صرف ميزانيتها ومداخلها الهامة جدا في بناء المرافق الاجتماعية والصحية والبنايات التحية الأساسية في القرى والمدن، سواء في إطار مشاريع متنوعة، أو مركبات تضم أمكنة العبادة إضافة إلى مراكز صحية وقاعات الولادة ودور الشباب وملاعب رياضية وقاعة للمسرح والموسيقى، ولما لا مدارس للتعليم العصري، مثلا؟

ألم يحن الوقت لإعادة النظر في التصور التقليدي التي تشكل وأحيط بالتقديس حول مفهوم الوقف والشأن الديني ذاته كمجال للسياسة العمومية، وحول مهام وزارة الأوقاف ومجالات صرف ميزانياتها؟