سياسة واقتصاد

وزير ينتشي بميزانية 72 مليار درهم ومدارس تعاني البؤس

محمد الجرفي

بنبرة المنتشي قدم وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني، سعيد أمزازاي،  وزارته خلال لقائه الأخير بسلا...فرحا بـ 72 مليار درهم، رصدتها الحكومة لتدبير أكبر قطاع في الوظيفة العمومية.

تحدث الوزير عن تفاصيل كثيرة، وإصلاحات مرتقبة، و رهانات لا حد لها.

بين رقم الـ 72 مليار درهم، وبؤس غالبية المؤسسات التعليمية، باستثناء نماذج لا تمثل واقع المدرسة العمومية، أسئلة كبيرة وعريضة، حول أوجه إنفاق هذا الغلاف المالي الكبير، إذا استثنينا كتلة الأجور التي قد تكون البند الوحيد الذي لا تعبث به أيادي مدبري الشأن التعليمي بالمغرب.

فبعد انصرام شهرين من عمر السنة الدراسية، وفي زمن الإصلاح و الرؤية الاستراتيجية، تفتقد المؤسسات التعليمية، اليوم للمتطلبات الأساسية و الضرورية، لتوفير شروط الإصلاح وتحسين المردودية. أساتذة يشتغلون في ظروف مزرية، تجهيزات متهالكة، لا سبورات بيضاء و لا حتى سوداء بحالة جيدة، عدم توفير أقلام الكتابة، وقد أخبرنا الوزير السابق حصاد، ذات زمن للتأهيل أن المدرسة المغربية قد ودعت العهد الطباشيري، لا معدات ديداكتكية و لا هم يحزنون، في ظل عدم إمكانية توفير هذه المعدات من الموارد الذاتية للمؤسسات التعليمية، بنية مادية منفرة و محيط تربوي متشنج، وأهل الحل والعقد، ينامون على برامج إصلاح ويستيقظون على كابوس اسمه مدرسة عمومية عصية على الإصلاح.

استمرار صرف ملايير الدراهم التي تستنزف سنويا، دون أن تسهم في تطوير مدرسة مغربية عمومية، تحقق الجودة وتكافؤ الفرص، وتجيب عن حاجيات سوق الشغل، وتسهم في بناء الإنسان المغربي، يجب أن يتوقف إلى حين رصد مكامن الخلل.

فبين تقارير أجهزة الرقابة الداخلية للوزارة، و تقارير الافتحاص الخارجي، وما وقف عليه من جرائم خطيرة، تسببت في هدر ملايير الدراهم، هناك حاجة لوقف النزيف المستمر. فقد تبين أن عدم تفعيل آليات المساءلة بحق لصوص المخطط الاستعجالي، قد شجع مسؤولي ما بعد المخطط الاستعجالي على التمادي في الاستهتار بأوجه صرف المال العام، وإفشال كل مساعي إصلاح التعليم المغربي.

هناك اليوم حاجة لمراجعة، ما إذا كان الضروري الاستمرار في إسناد التدبير المالي لمدراء أكاديميات ومعهم مدراء إقليميون يتصرفون في ملايير السنتيمات، دون مساءلة عن جدوى إنفاق هذه الاعتمادات الضخمة، وماذا حققت للمغرب على مستوى البنية التحتية المادية التعليمية، وبماذا انعكس على التلميذ المغربي من حيث جودة ومستوى التحصيل، وقدرته على مواصلة مسار دراسي لا ينتهي بتحصيل الشهادة ومعانقة البطالة.

هل حان الوقت لتوجيه أجهزة الرصد و الافتحاص إلى كل القنوات والمسالك التي يعبر المال العام المخصص للتعليم للوقوف على وجهته، وأين انتهى؟ علما أن اغتناء وتضخم ثروات مدراء أكاديميات بسيرهم المعروفة، وبعض من المدراء الإقليميين في فورة تدفق المال العام لهذا القطاع.

استمرار اجترار الفضائح، وتناسل مشاريع الإصلاح، وهدر الزمن المغربي، لا يخدم رهان الدولة على الإصلاح الذي  قد يتحقق و قد يتعثر، مثل حدث في محطات كثيرة منذ الاستقلال و إلى آخر برنامج إصلاحي، وقد استهلكنا أربع سنوات من الرؤية الاستراتيجية، دون أن وضع قطاع التعليم على سكته الصحيحة على أمل الإقلاع، ليبرز تساؤل جوهري، هل نملك كبلد وحكومة رؤية إستراتيجية لإصلاح التعليم، و بأي ضمانات؟