قضايا

ما تعرض له لامين جمال من إساءة يذكر بفخر الإنتماء الحقيقي للوطن

محمد بنطلحة الدكالي

هل يوجد شيء في الدنيا يمكن أن يعوضنا عن الإنتماء الحقيقي لوطننا؟ فالوطن هو الفضاء الذي نعيش فيه بأمان وحرية وكرامة، يحضن آمالنا وأحلامنا، ويحمي حقوقنا ويصون عرضنا وشرفنا. إنه الأرض التي نفترش ثراها، والروح التي تحوم حولنا تشاركنا أحزاننا وأفراحنا وتغفر لنا أخطاءنا. إنه الراية التي ترفرف عاليا في السماء لتذكرنا بأننا ننتمي لوطن يحمينا ونستظل بظله.

ومناسبة هذا الكلام ما تعرض لامين جمال نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة قدم من أصول مغربية محترف يلعب كجناح أيمن مع نادي برشلونة الفتى المتألق في سماء الكرة الإسبانية، والذي اختار طوعا أو كرها ارتداء قميصها الوطني، من كلام مسيء من طرف الأرجنتيني خيرمان بورغوس المدرب المساعد السابق لأتلتيكو مدريد الإسباني والذي يعمل معلقا لقناة « موفيستار » الإسبانية حيث قال عنه « إن ابن 16 سينتهي به الأمر عند إشارات المرور » ملمحا إلى تسوله من أجل الحصول على المال عبر القيام بحركات استعراضية.. 

وهذا يذكرني بحكاية الكولونيل بن داود، وملخصها أن شخصا ذاع صيته في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بالجزائر قدم في الأدبيات الكولونيالية كنموذج لطالما سعى الإستعمار الفرنسي إلى خلقه، واسم هذا الجزائري محمد بن داود (1837- 1912)، وقد تشبع بالمثل الفرنسية حتى خال نفسه فرنسيا، بل لقد تخرج ضابطا عسكريا ونال أعلى المراتب العسكرية إلى أن وصل إلى رتبة كولونيل سنة 1888، وهي رتبة لم ينلها أحد قبله، وقد أمضى أربعين سنة كاملة من حياته يخدم فرنسا بولاء تام وطاعة عمياء، لكن ذلك لم يشفع له حين نظم أحد الأرستقراطيين حفلا راقصا دعا إليه وزراء وضباط كبار، حضرته سيدة بدأت تسلم على الحضور بمد يدها ولما وصلت إلى الكولونيل بن داود وقدم إليها بالإسم والرتبة سحبت يدها ساخرة.. بعدها تأثر الكولونيل بن داود من هذا التصرف المشين وبات يردد لازمته الشهيرة: « عربي عربي، ولو كان الكولونيل بن داود »..