قضايا

المدرسة البتراء

سعد كمال

لا أستطيع أن أجزم ما إذا كان شريط فيديو قصير متداولا على مواقع التواصل الفوري ( واتساب) يظهر فيه طفل يسأل، شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية، ماذا سيخار إذا ما خيّر بين المدرسة العمومية والتعليم الخاص.

و لا أستطيع أن أتوقع جواب الوزير، الذي أبدى ابتسامة، تخفي إحراجا كبيرا، حتى لو كان الشريط مفبركا.

لكن الأكيد أن أي أب، في ظل الوضع الراهن للمدرسة العمومية، يتوفر على حد أدنى من الامكانيات، سيفضل اللجوء إلى التعليم الخصوصي، و لو على حساب بطنه و كسوته، بغية أن يفر بجلد أبنائه من مدرسة منهكة، و زادتها أنتهاكا الاضطرابات الدراسية بسبب الاضرابات، التي خيمت على هذه السنة قبل التوصل إلى اتفاق في 26 دجنبر 2023، تلته إضرابات فئات معينة، اعتبرت أنها لم تنل حقها من "الغنيمة".

و ماذا بعد، كانت السنة الدراسية قد فقدت إيقاعها، و الممل تسلل إلى نفوس التلاميذ، و هيئة التدريس تتبادل التهم مع بعضها البعض، و النقابات "تتفاوض" من دون أن تمارس أي تأثير، و تكتفي بالالتقاط الصور و التوقيع على الاتفاق، و الوزارة ترضخ، سرا، للملفات المطلبية للتنسقيات ( كل منها تسبح في فلك)، التي ترفض الجلوس إليها، لكنها اكتشفت، متأخرة أن النقابات بلا محتوى، و امتددها " النضالي" تقلص إلى درجة أصبح معها لا يُرى إلا بالمجهر، و التنسقيات تتعاظم إلا أنها اختفت فجأة، بعد تحقيق مصالح فئوية تهم أساسا تحسين الوضعية المالية، و ليس جودة التعليم، و إعادة الاعتبار لنساء و رجال التعليم و المدرسة العمومية.

الضحية، في هذا السياق الملتبس هو التلميذ، الذي "تزْعم" الوزارة إنقاذه بدروس الدعم، و الساعات الاضافية، و تمطيط السنة الدراسية، و التدريس عن بعد، مع  الاستعانة بالعاملين في برنامج أوراش، و المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ( هكذا)، رغم انهم لا يمتلكون الكفاءة التربوية، و يعوزهم فن التلقين...

لكن هل يكفي هذا لتسليح التلاميذ بما يكفي من المعرفة، و ما يفتح العقل؟

هذا هو السؤال الحقيقي الذي ينبغي أن تجيب عليه الوزارة، في عز فترة الامتحانات، التي ينعدم فيها تساوي الفرص، تماما، بين تلامذة مدرسة خصوصية مكتملة المهام و الأركان، و مدرسة عمومية بتراء.

 و في تقاليد المغاربة، الأبتر  لا يصلح للأضحية.