رأي

محمد الروحلي: البدراوي أخطأ، لكنه لم يفشل...

كان طبيعيا أن تفجر البداية غير الموفقة، لفريق الرجاء البيضاوي لكرة القدم هذا الموسم، غضب جمهوره العريض، وهو الذي كان يمنى النفس بانطلاقة موفقة، بعدما صدق وعود الرئيس الجديد بإمكانية تحقيق الاكتساح،  إلا أن الأمل خاب إلى حدود الدورة الثالثة من البطولة الاحترافية. 

    "غادي نبلبلوهة"، "غادي نديرو ميسا" "صافي المدرب معندوش عذر..." ، "الانتدابات لي درنا تشهد بها حتى الصحافة الدولية"... والكثير والكثير من التعابير والمفردات والوعود.. أطلقها البدراوي منذ أن أعلن قبوله تحمل مسؤولية الرئاسة، ليواصل بعد ذلك خرجاته سواء المحسوبة أو غير المحسوبة...

تعادل ضد أولمبيك آسفي بالدار البيضاء، كان من الممكن أن يتحول إلى هزيمة، لو احتسب الحكم ضربة جزاء مشروعة للفريق الزائر، تبعته خسارة غير متوقعة ضد الاتحاد التواركي، العائد لقسم الأضواء بعد سنوات من الضياع، وانضاف أول أمس الاحد، تعادل آخر  بالميدان أمام المغرب التطواني، ليزيد من تعقيد الأمور أمام كل مكونات القلعة الخضراء...

كان هناك رد فعل عنيف، صادر عن أفراد من الجمهور، تعرض له البدراوي بصفة مباشرة بمركب مولاي الحسن بالرباط، رد فعل فسر بحرب خفية يشنها رئيس سابق، تعود على التآمر على كل من جاء من بعده لمنصب المسؤولية، وهو تفسير يحمل جانبا من الصحة، وإن كانت هناك بالفعل الكثير من علامات التذمر والغضب والقلق، تسود فئات واسعة من جمهور الخضراء... 

إلا أنه من غير المقبول أن نحكم مبكرا على البدراوي بالفشل، فمن السابق لأوانه الحديث عن إخفاق مشروع رئيس، تعلق على عهده آمال عريضة، بعد تفاؤل الجمهور خيرا بإمكانية عودة الرجاء لسكة البطولات والألقاب المدوية.

وإذا كان الحكم مبكرا بالفشل، فلابد من التأكيد على أن البدراوي أخطأ بالفعل في الكثير من المحطات الحاسمة، وذلك باتخاذ قرارات مجانبة للصواب، قادت إلى هذه البداية غير الموفقة حتى الآن، وإن كانت غير مخيفة بالدرجة التي يتصورها البعض... 

أولى الأخطاء تعيين لجنة تقنية يفتقد بعض أعضائها للخبرة والتجربة الضروريتين، أعقبها الشروع في إبرام صفقات بطريقة متسرعة، محاطة بالكثير من الشكوك والغموض، والسماح بالمقابل بانتقال ركائزه الأساسية، مع العلم أن التغيير يأتي عبر مراحل، وليس بجرة قلم، مما نتج عنه ضعف في الاداء غياب الانسجام، وعجز عن فرض الايقاع، ليظهر أن تعويض ما سماهم الرئيس ب "الكرارس" لم تكن عملية موفقة، لافتقادها الأسس التقنية والتكتيكية في مسألة الاختيار،  رغم صرف ميزانية مهمة...

ثاني الأخطاء كانت السفر على وجه السرعة إلى تونس، نتج تعاقد مع فوزي البنزرتي، دون أدنى تردد أو تفكير عميق، مع أن أغلب المتتبعين، يعرفون ان هذا  المدرب لم يعد لديه ما يقدمه، والدليل على ذلك تصريحاته الغامضة، بعد نهاية المباراة ضد الفريق المسفيوي. 

العجز الذي يظهره البنزرتي، يبقى مسألة طبيعية وعادية، مادام للسن أحكامه، والنتيجة كما ترون، مدرب تظهر عليه الكثير من علامات التعب والوهن، في وقت يوجد الفريق في أمس الحاجة إلى عمل في العمق، والاشتغال يوميا لساعات طوال، قصد إحداث التجانس المطلوب، وإصلاح الاختلالات التي تطبع الأداء الرجاوي، وقراءة الخصوم بطريقة جيدة...

وفي الوقت الذي كان على هذا الرئيس التواري نسبيا عن الأنظار، والاشتغال في صمت، وانتقاء حركاته وسكناته، فضل إطلاق العنان لخرجات وتدوينات في غير محلها، ولعل آخرها ما قاله من كلام لا يليق في حق الدولي المغربي السابق نبيل درار...

إنها بالفعل أخطاء فادحة قادت مباشرة إلى بداية غير موفقة، ومع ذلك من الممكن تجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر، شريطة إعادة النظر في طريقة تدبير غير سليمة، ومراجعة مجموعة من القرارات التي تبدو متسرعة، كما لابد من وضع الثقة في الإطار المناسب بالمكان المناسب،  مع ضرورة الابتعاد ما أمكن عن مواصلة ركوب الشعبوية، بكل ما تحمله من اخطار وتبعاث غير محسوبة العواقب...