قضايا

ازمة جماعة العدل و الإحسان الخانقة

عمر إسري

آخر خرجات أحد "شيوخ" العدل والإحسان، بينت بالملموس أزمة الجماعة وجمودها على المستويين الفكري و "التعبوي"، و تناقضاتها التي لا تنتهي، ومحاولة "قولبة" (بالدارجة) بعض الأطراف في سبيل الحفاظ على الحد الأدنى من منظومتها المنهكة التي تجاوزها العصر و تطلعات الأجيال الصاعدة. 

الرجل جرب "المراوغة" في البداية متحدثا عن مراجعات هي في الحقيقة تكتيكات تدخل في إطار تدبير أزمة الجماعة الخانقة، من قبيل "الدولة المدنية" و الاستعداد للحوار والتنسيق مع الديمقراطيين والقوى الحية على أساس ما سماه ب "المشترك".

ولكن الرجل في النهاية فضح حقيقة الجماعة الرجعية الثابثة ذات المشروع الثيوقراطي الإستبدادي، لمن لا يعرفها طبعا، حينما حاول خلط الأوراق داعيا إلى إعطاء معنى جديد متوافق عليه للديمقراطية، يتماشى مع نظرة التنظيم المتكلسة و المتخلفة، مختزلا إياها في شق شكلي إجرائي تجزيئي مرتبط بالإنتخابات و العمل الحزبي و الجمعوي، متناسيا جوهرها الذي يتمركز حول ثقافة الإختلاف و التنوع و العيش المشترك و الحريات الفردية والجماعية و الفصل بين الدين والسياسة.

بل إن الرجل حينما تم حشره في زاوية ضيقة وسئل عن الحريات الفردية والحق في الاختلاف، أجاب "القضايا الخلافية يجب أن نتركها جانبا إلى حين تسوية بعض الأمور، موقفي من الناحية العقدية لا يمكن أن يتناقض مع موقف الإسلام (...)، أما من حيث التطبيق فالمسألة تحتاج إلى شروط ووقت (...) إذا دخلنا في التفاصيل لا يمكن أن نتقدم خطوة (...) في التفاصيل يسكن الشيطان".

الجماعة بشيطانها الذي يسكن في التفاصيل، تعي أنها تتجه نحو الباب المسدود بعد تراجع منسوبها التعبوي منذ وفاة الراحل عبد السلام ياسين، و تنامي وعي المواطنين الذين يركزون على مسألة العدالة الاجتماعية المجالية والمساواة و التنوع في ظل الوحدة، بعيدا عن الطائفية و استغلال الدين لممارسة الاستبداد و الانتهازية، لذلك تحاول اليوم "مراوغة" بعض الأطراف من خلال تاكتيك "التقية" للوصول إلى الهدف الذي لن تصل إليه أبدا في يوم من الأيام.

الذي يثق في الجماعة أو أي تنظيم رجعي طائفي كمن يثق في الحية، ومن يتحالف مع هؤلاء اللاديمقراطيين أصحاب المشروع الثيوقراطي الإستبدادي، لا حق لهم في الحديث عن الديمقراطية... فلا ديمقراطية بدون ديمقراطيين.