رأي

الفلسفة والموسيقى والعلم

كفى بريس

محمد بخصوص 

( كاتب و باحث في الفلسفة)

 

 

قدم  صديقي، المهندس والموسيقي، المصطفى عبدون

يوم السبت 13 ماي 2023،  أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه، في شعبة الفلسفة، تحت عنوان: "الموسيقى بين الفلسفة والعلم: مقاربات متعددة"، بكلية  العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة ابن طفيل القنيطرة، المغرب.

و الواقع انه ليس كل يوم تقدم فيه، في بلادنا، حسب علمي، أطروحة من النوع الذي قدم. حيث تنقص جامعتنا، للأسف (ولا أدري ما الوضع في جامعات العالم العربي) ، أطروحات فلسفية  جادة، تتعلق بمجال الفن عموما، والموسيقى  منها بشكل خاص. ما  يفسر  لذلك الأهمية التي وجب أن تعطى  لهذه الأطروحة.

 تتناول  الاطروحة، حسب صاحبها،  "موضوعا ذو أهمية بالغة، ويتعلق الأمر هنا بالمكانة التي أصبحت تحظى بها الموسيقى كموضوع من مواضيع الفلسفة والعلم وعلاقة هذا العلم بالميادين والمجالات الأخرى والظهور الفعلي للموسيقولوجيا والتي أصبحت هي بدورها موضوعا للإبستمولوجيا وما قد تفتحه من أبعاد بحثية كثيرة ذات علاقة بهذا العلم الناشئ". 

ويضيف أن  الموسيقى "طرحت  على الفكر الفلسفي جملة من الأسئلة الجوهرية، اتخذت طابعا إشكاليا تفرعت عنها عدة أسئلة أخرى بالغة الأهمية. وكانت الأجوبة عنها متعددة وأحيانا متباينة، كان أحد أهمها:

 

* ما الموسيقى؟ ما طبيعتها؟ ما العمل الموسيقي؟ ما نوعه؟ كيف التعرف عليه؟ ما الذي يساهم في تحديد نمط وجوده وهويته؟ هل هو حقيقة أم تجريد، كائن زمني أم أبدي؟ وهل يجب بالضرورة أن يكون مسموعا أم غير مسموع؟ هل يمكن اعتبار الموسيقى لغة مستقلة ومكتفية بذاتها؟ هل تعبر عن أشياء مرئية أو مشاهد عاطفية؟ ما علاقتها بالفكر والعقل؟

 

*هل الموسيقى مُتعة عقلية يُمكن تذوقها ذهنياً؟ ما علاقتها بالحياة الباطنية للإنسان؟ وكيف تُؤثِّر على مشاعر وأحاسيس الإنسان وخياله وتصوّراته الذهنية؟ بل هل الموسيقى والأحاسيس كلمتان مترادفتان؟ من أين تبدأ وأين تنتهي؟ وما موقعها من بين الفنون والمعارف الأخرى؟ وبعبارة أخرى كيف تناول الفكر الفلسفي موضوع الموسيقى، وعلى مر المراحل التاريخية، منذ العهد اليوناني إلى الزمن المعاصر؟ "

 

إن هذه الأسئلة  الجوهرية في مجال فلسفة الموسيقى هي التي سعت الأطروحة إلى تقديم إجابات وافية  عنهاٍ. وإذ لا مجال هنا للتوقف بتفصيل عند هذه الإجابات، أكتفي بالتنويه بهذا المنجز الفكري الأكاديمي المتميز، متمنيا أن تتعدد الأطروحات من هذا المستوى الرفيع في بلادنا (وفي العالم العربي ككل)، وأن تجد  طريقها إلى  الطبع  حتى تعم الفائدة.