نظم مسار التميز في الصحافة والإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السلطان مولاي سليمان ببنى ملال بشراكة مع مكاتب بن خلدون الجمعة 19 أبريل 2024 بإحدى قاعات الكلية، لقاء مفتوحا حول مؤلف" الاعلام في زمن اللايقين " للكاتب والصحافي د. جمال المحافظ، وذلك بمشاركة الإعلامي والكاتب عبد العزيز كوكاس.
فخلال الجلسة الافتتاحية، أشاد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية الأستاذ محمد بالأشهب في كلمة بالمناسبة، بمبادرة تنظيم هذه اللقاء، تحت إشراف الأستاذ ادريس جبري، منسق ماستر التميز بالصحافة والاعلام، حول موضوع الاعلام في زمن اللايقين، واختيار صاحب كتاب بنفس العنوان، الكاتب والإعلامي المتميز جمال المحافظ الذي راكم تجربة طويلة في مجال الصحافة والبحث الأكاديمي.
وبعدما ذكر بأن مسار التميز في الصحافة والإعلام الذي كان مبادرة خالصة منذ سنة 2012، لشعبة اللغة العربية وآدابها، وتوج كذلك بإحداث الكلية لخمس مسارات تميز في تخصصات أخرى، أوضح الأستاذ بالأشهب، أن كل ذلك يندرج ضمن المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الذي يكتسى بعدا استراتيجيا وطابعا علميا صرفا يستمد جوهره من التوجيهات الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد. ودعا إلى العمل على إعادة الاعتبار للعلاقة القائمة ما بين الثقافة والصحافة، وتجسير العلاقة ما بين التكوين في المجالين الأدبي والإعلامي.
أما الأستاذ ادريس جبري، فأشار بالخصوص إلى أن هذا اللقاء المفتوح يعد حلقة من بين حلقات أخرى موجهة لفائدة طلبة مسار التميز في الصحافة والإعلام، ويشكل اسهاما في ادماج الجامعة في محيطها، وفي اطار البرنامج التكويني الذي من بين أهدافه تحقيق المزيد من الانفتاح على الفعاليات الإعلامية والأكاديمية المتميزة والاحتكاك بها وانتهاجاتها الفكرية، والاستفادة من تجاربها المهنية، متوقفا عند مسار الكاتب جمال المحافظ، مدير الاعلام بوكالة المغرب العربي للأنباء سابقا، والأستاذ الجامعي الزائر، وصاحب عدد من المؤلفات في مجال الصحافة والاعلام.
وأشار جبري إلى أن هذا اللقاء المفتوح، الذي نشطته شهرزاد عيوش الطالبة بماستر التميز بالصحافة والاعلام، يأتي في أعقاب الدرس الافتتاحي للموسم الجامعي 2023- 2024 المنظم بعنوان" الصحافة في ظل التحولات الرقمية، من الصحافي المهني الى الصحافي "المواطن" من تقديم الكاتبة والإعلامية فاطمة الافريقي، وكذلك بعد احياء الذكرى الرابعة لرحيل عميد الصحافة الجهوية محمد الحجام، بمشاركة عدد من الفعاليات الإعلامية والنقابية.
وفي قراءته للكتاب لاحظ زكرياء بن حسي الطالب بماستر التميز بالصحافة والاعلام، أن " الاعلام في زمن اللايقين" يظهر أن الإشْكَالَ الذي يُجَـابِـهُ الإعلامَ إِشكالٌ مُرَكَّبٌ ومتعدِّدُ الأوجهِ؛ منه ما يتعلق بالثورة الرقمية أساسا، ومنه ما يتعلق بالفعالية السياسية، ومنه ما يرتبط بالمؤسسات، ومنها كذلك ما يتعلق بأحوال الإعلام المغربي والمغاربي موضحا أن المؤلف حاول مُقاربةَ مُختلِفِ هذه الإشكالات من خلال التذكيرِ بمفهومِ الصِّحافةِ وأهميَّـتِها بـوصفْها الجسرَ الرَّابطَ بينَ الخَبَرِ والمـتَلقي بِـتَحَـرِّي الصدقَ، مع الإشارة إلى أدوارِ الصحافي، وما تحتاجهُ ممارستُـهُ من شروطٍ كالحريةٍ والاستقلاليةِ والديموقراطية، في مقابلِ الشروطِ التي من الواجبِ تَـوَافـُرُها في شخصِ الصَّحفي؛ من ذلك الأهْلِيَّةُ والاستحقاقُ وحُبُّ المهنةِ والذُّودُ عنها. كما أشار بن حسي وهو أيضا صحفي متمرن، الى أن الكاتبُ، في ظل هذا الاستقراء لأحوال الصحافة، عَمَدَ إلى عرض شريطِ بعضٍ من أعلامِ الإعلامِ وما كان لهم من دورٍ في أرساءِ قواعدِ الممارسةِ الصحافيةِ وتنظيمِها والدفاعِ عنْها، كما سلط، في سياق النَّبْشِ في الماضي، الضوءَ على الإهمال الذي طال إصلاح المقاولة الصحفية.
وشدد على الكاتب، الذي لم يكتف بالتوقف عند لى كل هذه الإشكالات، قدم بعض المقترحات منها ادراج التربية الإعلامية في مختلف المراحل الدراسية، والارتقاء بمستوى التكوين الصحافي للنهوض بالمهام الـمَنُوطَةِ بالصحفيين، وتوسيع هوامش حرية التعبير، وضمان استقلالية هيئات التحرير، مع الالتزام بقواعد وأخلاقيات المهنة، وتأهيل المقاولةِ الصحافيةِ، وحفظ كرامة الصحافي.
وفي قراءته لكتاب " الاعلام في زمن اللايقين " الذي يتضمن ستة فصول هي "الإعلام والرقمنة" و" الثقافة والاعلام" و"الاعلام والسياسة" و"الصحافة والذاكرة" و"الاعلام والمؤسسات" و"الاعلام والجوار"، سلط عبد العزيز كوكاس الضوء على مسار المؤلف الذي قال عنه، بأنه يتميز بكونه صحفيا متمرسا وفي نفس الوقت ناشطا جمعويا وباحثا مواظبا، بحس نقدي واضح، واختياره الاشتغال بصمت وبدون ضجيج، مع عدم استسلامه في نفس الوقت للقناعات الباردة، مؤكدا على أنه ركز في كتابه على معالجة الاستراتيجيات الكبرى المفتوحة، لأننا نعيش في زمن اللايقين.
وفي هذا الصدد يرى كوكاس أن هناك مكونان أساسيان في هذا المؤلف، هما الإعلام واللايقين، وبينهما الزمن الذي هو مفهوم فلسفي متساءلا كيف نكتب عن اللايقين باليقين ؟ معربا عن اعتقاده الراسخ، بأن الحداثة تستعير أسئلة زمانها، أي أن تكون حديثا، يعنى أن تصنت لزمانك، وأن ما يقوى كتاب جمال المحافظ الصدق واخلاصه للصداقة.
وكان الكاتب والباحث جمال المحافظ، قد أكد في بداية اللقاء على " أن اليقين الوحيد الذي يمكن أن يتمتع به المرء، هو أننا نعيش في عالم من اللايقين"، وذلك استنادا الى كتاب " بين الزمن والأبدية " لصاحبيه إيزابيل تنغرس، وإيليا بريغوجين الفائز بجائزة نوبل في الكمياء عام 1977. ولاحظ أن جائحة كوفيد 19، ساهمت في تسليط مزيد من الضوء على مبدأ اللايقين، خاصة في الحقول المعرفية والسياسية والثقافية، والإعلامية، وتزامن ذلك مع ما يلاحظ من انتشار التفاهة والشعبوية والتضليل مؤكدا على أنه من الصعوبة الحديث عن التحولات التي طالت وسائط الاعلام بدون ربط ذلك بالتقدم التكنولوجي الذي جعل الحدود بين هذه الوسائط تنهار.
وفى مناقشتهم للكتاب، طرح المتدخلون، عددا من الأسئلة، والمقاربات ركزت بالخصوص فضلا عن مضامين الكتاب، على اكراهات الصحافة وتحديات الثورة الرقمية، والاشكاليات التي تثيرها وسائط التواصل الاجتماعي، والمسؤولية الاجتماعية للصحافة، وأخلاقية المهنة في الزمن الرقمي ومستقبل الصحافة في ظل الذكاء الاصطناعي، وقواعد الكتابة الصحفية، وعلاقة الاعلام بالثقافة، والوضعية الراهنة للمشهد الصحفي والإعلامي .