فن وإعلام

بورتريه: عادل الزبادي الفنان التشكيلي المتعدد

بوجمعة العوفي*

تعرفتُ على الفنان التشكيلي المغربي "عادل الزبادي" منذ ما يقارب العشرين سنة (حوالي سنة 1998)، كان "الزبادي" قد خلق حينها حدثا، أو بالأحرى، إنجازا فنيا مميزا لم يسبق له مثيل بمدينة تازة المغربية: تصميمة للديزاين الداخلي لمقهى "بيكاسو" المعروف بنفس المدينة، حيث قام الفنان باستحضار أسلوب الرسام الإسباني الشهير "بابلو بيكاسو" وعوالمه ورؤاه الفنية كلها في التصميم أو الديزاين الداخلي لفضاء مقهى "بيكاسو" بشكل مدهش وغاية في الحرفية والإتقان، بدءا من تصميم الكراسي إلى الجدران والطاولات والأكسسوارات إلى سقف فضاء المقهى الذي يحمل رسومات تحيل إلى عوالم بيكاسو وأسلوبه في الفن، وصولا إلى إعادة رسم أو نسخ العديد من لوحات "بيكاسو"، بحرفية وتقنية عالية، ووضعها على الجدران الداخلية لفضاء المقهى، وكأن الجالس في المقهى يجد نفسه في معرض مفتوح لأعمال "بيكاسو".

كانت هذه المرحلة، هي الانطلاقة الحقيقية للإنجازات الفنية، وخصوصا بالنسبة للتصميم الصناعي أو  أعمال "الديزاين" للفنان التشكيلي "عادل الزبادي"، ومنذ ذلك الحين، سيعمل الفنان على ترسيخ بصمته ورؤاه الفنية وأسلوبه الخاص بهذا النوع من الفن، انطلاقا من مدينته بشكل خاص، وستتلاحق، أو بالأحرى، ستتاولى، فيما بعد إنجازاته الفنية الخاصة والمميزة في العديد من الفضاءات بالمدن المغربية: مقاهي، فنادق، شقق، فيلات وفضاءات عامة وخاصة، نالت الكثير من التميز والإعجاب، وما زالت تحتفظ بتوقيعاته الخاصة في هذه الفضاءات.

وإذ يركز الفنان "عادل الزبادي"، ضمنه رؤاه الفنية، الاشتغال المكثف، سواء في لوحاته (البورتريه، الطبيعة، الأعمال التجريدية)، أو في تصميماته الخاصة بفن الديزاين، على عنصر اللون وعلى ثراء المخزون البصري لتراث المغرب وثقافته، ومزْج هذه العناصر برؤى تعتمد إنجازات الفن المعاصر واللمسة أو الرؤية المستقبلية في الفن Futurisme، فإنه يعمل على أن تكون مواده وألوانه حارة وغنائية، وسط حضور لافت لعناصر تشكيلية ( وجوه ورموز وعلامات ) تعلن أو ــ بالأحرى ــ تشير بشكل واضح إلى انتمائها إلى ثقافة الأصل، وتغلغلها في ذاكرة الفنان وانتمائه الثقافي إلى المغرب (بلد المَولد والجذور).

*شاعر وناقد فني