فن وإعلام

لماذا تسند وزارة الثقافة إلى حزب لا يمتلك رؤية ثقافية ؟

سلمان أبو علي

عند مراجعة الميثاق الانتخابي لحزب الاتحاد الدستوري  المتربع على عرش وزارة الثقافة في الحكومة الحالية، يفاجئ القارئ بغياب أية رؤية ثقافية منسجمة لهذا الحزب الذي أوكلت إليه مهمة قيادة الجسم الثقافي في المغرب، فالثقافة عنده ليست وكما يتضح من ممارساته، منذ تسلم دفة قيادة القطاع سوى ترف زائد، وقطاع غير منتج، يجدب تحويله إلى قطاع مربح انسجاما مع توجهات الحزب الليبرالية العرجاء، من هذا المنطلق يمكن أن نفهم مرامي الدعم الاستثنائي الذي تستهدف به وزارة الثقافة جيوب باطرونات الثقافة من دور النشر الكبرى السمينة، وبعض اللوبيات الفنية التي لا تصنع سوى الزيف تحت يافطة الفن ، المسرح والسينما..،بينما يحرم الفنانون والمبدعون الحقيقيون من أي دعم، بفعل نفوذ اللوبيات التي اعتادت الرضاعة من ثدي الوزارة  المدرار، كما تحرم الجمعيات الثقافية الجادة التي تناضل فعليا من أجل نشر الكتاب المغربي، وتدعيم الثقافة والعقلانية، فالوزارة وعلى غير العادة استثنت في دعمها الكتاب المغربي، والذي يتيح لعدد من الكتاب الشباب خاصة، إمكانية النشر من خلال التقدم لهذه الجمعيات ودور النشر الصغيرة بإنتاجاتهم وبحوثهم المرتبطة بمختلف مجالات الثقافة والعلوم والمعارف.
إن قرار إعدام الكتاب المغربي الذي خطه القائمون على القطاع من الحزب المذكور، يعبر بوضوح على تفاهة السياسة الحكومية عامة ونظرتها الدونية تجاه المثقف المغربي، وينم عن نوايا مبيتة إزاء الثقافة المغربية وكأن ثمة أياد خفية تسعى إلى قتل وإعدام كل ما هو مغربي أصيل، فمسلسل إفساد الثقافة المغربية والعربية الذي باشرته جهات تعادي المغرب من خلال إفراغ الفعل الثقافي الجاد من محتواه، وتنظيم حفلات خمسة نجوم الثقافية والصالونات المغلقة بأموال الرجعيات النفطية وأذناب الإمبريالية. يبدو جليا أن ما لم تنجح فيه هذه الجهات إلى الآن، تواصله وزارة الثقافة بهجومها الشرس على الكتاب والمثقف المغربي بإعدام مئات الكتب التي تتاح لها فرصة الظهور في الساحة الثقافية.
إن استهداف عقل المغاربة بمحاربة الكتاب والمثقفين بشكل خاص لا يمكن أن يفسر فقط بغياب رؤية ثقافية، فالمتابع للوضع التعليمي والثقافي في مغرب الحكومات الأخيرة يلامس بلا شك استمرارية هذا الاستهداف الممنهج للثقافة المغربية، بحيث تحول الهجوم على الفعل الثقافي الجاد إلى ثابت من ثوابت السياسات الحكومية في السنوات الأخيرة وهو ما يدعو إلى العجب والاستغراب والدهشة والتساؤل عن الأسباب الحقيقية لمعاداة العقلانية والتفكير في ظل عالم يفترض أكثر من أي وقت مضى رفع درجة الوعي والتحلي بالمسؤولية والتخطيط الاستراتيجي في كل المجالات وفي مقدمتها المجال الثقافي.