كانتْ كلبة تطاردُ ظلَّها في الحقول، تنبشُ الأرضَ بحثًا عن عظمة منسية، تحرسُ الليلَ من أحلامِ راع، كأنها تعرفُ سر الخراف وتحفظُ خرائطَ المياه في لُعابها.
في مساءٍ صيفي، لبستْ جلدَ أنثى، وصارتْ تمشي على أرصفةِ المدنِ كأنها وعدٌ أوروبيٌّ بجوازٍ للحياة، وبحدودٍ تُفتحُ بشهوة الإغواء.
شبابٌ هائمون، يحملونَ أمتعتهم في هواتفهم، يركضونَ خلفها كطيفٍ في الهجير، يبتلعونَ الوهمَ، يتركونَ وراءهم صمتَ الأرصفة، كأنهم يخلعونَ وطنا، خلع الأحذية عند بوابات السفارات
الآن، تضحكُ من خلفِ الحدود، بعد أن هربت بخرائطِ المياهِ مطويّةً بين أنيابها . كل ليلة تتذكر قسىوة الراعي وما جرى للخراف فتُغنّي نباحا…
أما هم فمازالوا يركضونَ خلفها، إلى موج البحر، حيثُ لا أحد يحمل اسما ولا أحد يدرك نهاية الهجير.






