تتصور "المربيات" العاملات في الروض والحضانة (دون تكوين متين وبأجور زهيدة)، أن مسؤوليتهن تتحدد في "ضبط" شغب الأطفال وتنظيم لعبهم ولهوهم، في انتظار أن يأتي آباؤهم لتسلمهم..
ويتصور أساتذة المرحلة الإبتدائية أن الطفل الذي يلج القسم التحضيري يفترض فيه أنه تعلم مهارة الخط والإمساك الصحيح بالقلم، بحيث ينشأ بين العاملات في الروض والعاملين في السلك الابتدائي سوء فهم كبير للمهام والمسؤوليات، وأهمها على الإطلاق، ألا وهي مهارة كتابة الحرف ونطقه وتركيبه في كلمات، بحيث نشأ لدينا خلال العقود الأخيرة جيل كامل من "مزوري" الحرف العربي المعياري، ناهيك عن الحرف اللاتيني..
وما يجهله الكثيرون أن للخط الواضح، عموما والجميل منه خصوصا، تأثيرا إيجابيا على نفسية من يكتب قبل من يقرأ، بحيث تسر به عينه حتى لو كان مضمونه ضعيف..
وما يجهله المدرسون والاباء على حد سواء أن نفور التلاميذ والطلاب من مراجعة دروسهم المكتوبة بخط أياديهم، يعود في جزء منه إلى عجزهم عن فك شيفرة الحروف التي يقترحونها خارج ضوابطها المعيارية، والتي عادة ما تكون أشبه ب"زروايط" لا رؤوس لها من أرجل، أو عبارة عن أرجل نمل متشابكة يشد بعضها بعضا فيما يشبه لوحات تشكيلية سوريالية..
ومعلوم أن الخط الرديء معضلة كبرى يشتكي منها الآباء والمدرسون على حد سواء، بحيث يعجز الآباء(المتعلمون منهم) عن مراجعة الدروس مع أبنائهم بسبب عجزهم عن فك شيفرة المكتوب على دفتر واجباتهم..
والأدهى من ذلك أن المدرسين، من التعليم الإبتدائي إلى العالي، يعانون كثيرا من قراءة وتصحيح الأوراق المكتوبة بخط رديء، سيئ وغير مقروء، إن لم نقل أنه أمر متعب لأعصاب المصحح ومعذب جدا له. وقد صدق الدكتور غازي القصيبي حين قال: "..يوجد الخط الرديء في نفس المصحح شعورا بالعداء نحو الطالب، أما الخط الذي لا يقرأ فيولد لديه رغبة لا شعورية في الانتقام"..






