مجتمع وحوداث

مجتمع مدني؟

سامر أبو القاسم

في العديد من المجتمعات المستنسخة لتجارب الغرب، عرف المجتمع المدني ولادة قسرية معطوبة، وغير مبنية على أساس تعاقدي يؤطره القانون وتحميه سلطة الدولة، عبر ضمان الحقوق والحريات على قاعدة المواطنة.


واستيعاب ذلك، يتطلب من قوى التغيير تقييما موضوعيا لمسار تطور مجتمعاتها على قاعدة تعاقد تشكل المواطنة محور مضمون قواعده القانونية الملزمة. كما يفرض عليها اتخاذ مواقف وإجراءات تقويمية، غايتها التحديث والدمقرطة والتنمية، لترسيخ مفهوم الانتماء للوطن ولتوضيح نزاهة استخدام السلطة للصالح العام ولتيسير ضمان حقوق وحريات المواطنات والمواطنين. 


ومن خلال استقراء مجريات الوقائع والأحداث، وعند الوقوف على المحطات المفصلية والحاسمة من قبيل الانتخابات، لا يظهر من خطاب الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وأدائهم العملي - يمينا ويسارا - أن هناك برنامجا سياسيا واجتماعيا يعكس تصورا قادرا على القيام بعملية تصحيح المسار، بالوقوف على تعزيز التراكمات الإيجابية وتجاوز العوائق والنواقص والتعثرات، بهدف إدخال الإصلاحات اللازمة للإحساس بمواطنة تستمد مصداقيتها من الانتماء للوطن بدل الولاء للقبيلة أو الزاوية.


ومن هذه المنطلقات يمكن طرح التساؤل التالي:


قد تستمر الساحة السياسية في الترقيع بكيانات مشكوك في مضمون أدائها تنظيما وسياسيا واجتماعيا، لكن ما العمل حين يتعلق الأمر بالحكم على قيمة وأداء بعض الأحزاب والنقابات التواقة للتغيير وهي غير مستوعبة لأعطاب ولادة المجتمع المدني، وغير مدركة لما للقبيلة والزاوية من أهمية ومكانة في العمليات الانتخابية وفي العمل السياسي والإداري داخل المؤسسات وفي العمل النقابي داخل القطاعات، ومُطَبِّعَة - في بعض الحالات - مع الانتماء للقبيلة أو الزاوية في الدوائر الانتخابية ومُكَرِّسَة له؟