قال محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها،الخميس بالدار البيضاء،إن المعركة ضد الفساد لا تخاض من موقع المراقبة فقط، بل أيضا من موقع التعبئة الجماعية والمسؤولية المشتركة.
وأضاف أن موضوع الفساد في قطاع التأمين ليس مجرد موضوع نظري، كما بينت دراسة حول "مخاطر الفساد في قطاع التأمين" ، بل موضوع محاط بمنظومة مخاطر متعددة الأبعاد، يمكن أن تتسلل في كل لحظة عبر ثغرات قانونية وتنظيمية، كما يمكنها أن تتسرب من خلال ضعف آليات الحكامة، أو هشاشة ثقافة الامتثال داخل بعض حلقات السلسلة التأمينية.
وأوضح، خلال لقاء حول "تقييم مخاطر الرشوة لتعزيز الشفافية في قطاع التأمينات"، أن الوقاية من الفساد في قطاع التأمين تتطلب فهما منظوميا لا تجزيئيا، ومبادرات مؤسسة لا إجراءات شكلية.، مشيرا إلى مخاطر تضارب المصالح واستغلال أموال الشركات، والتلاعب في العقود والتقارير الفنية، والغموض في شروط صرف التعويضات، وصولا إلى الممارسات المعقدة في إعادة التأمين التي قد تخفي انحرافات مالية دقيقة يصعب كشفها.
وأكد بنعليلو أن الدراسة التي قدمت خلال اللقاء، تميزت بتوظيف منهجية مزدوجة تجمع بين مقاربة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، لحالة النزاهة، ومقاربة الميثاق العالمي للأمم المتحدة حول المخاطر في القطاع الخاص، مما مكن من إعداد خارطة دقيقة لمخاطر الفساد في قطاع التأمين، مخاطر مرتبة وفق شدتها واحتمالية وقوعها.
وخُصص اللقاء لتقديم ومناقشة دراسة نوعية حول "مخاطر الفساد في قطاع التأمين"، وهي نتاج تعاون مؤسساتي مثمر، بحسب بنعليلو، بين الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي وبمساهمة منتجة لممثلي الشركات العامة في القطاع.
و أبرز أن اللقاء ليس مناسبة احتفالية، بل محطة مؤسساتية ذكية لتجديد النقاش حول منظومة النزاهة والشفافية في قطاع التأمين، في تفاعل مباشر مع المعايير الدولية والممارسات الجيدة في مجال الحكامة. وتابع أن اللقاء هي محطة تحليل وتأمل ومسؤولية، تضع بين "أيدينا مرآة دقيقة لما يحدث من ديناميات وتحديات بنيوية ظاهرة أو خفية، في أحد القطاعات الاقتصادية الحيوية في بلادنا، قطاع يرتبط مباشرة بحماية الأفراد والمقاولات والمجتمع من المخاطر، قطاع تشكل نزاهته ركيزة أساسية في بناء الثقة في الاقتصاد الوطني".
وأكد المتحدث أن الانخراط الطوعي لقطاع التأمين وهيئة الإشراف في هذه الدراسة، يمثل تعبيرا عن شجاعة مؤسساتية، وعن وعي مرتفع في إدراك أن الشفافية ليست عبئا على الفاعلين الاقتصاديين، بل رأسمال ثقة وقدرة على التحصين الذاتي.
وشدد على أن مواجهة الفساد ليست شأنا قانونيا فحسب، بل خيارا استراتيجيا لبناء مناعة مؤسساتية واقتصادية، وفق ما تدعو إليه المعايير الدولية، وعلى رأسها المعيار المتعلق بأنظمة إدارة مكافحة الفساد ISO 37001 ، الذي يجعل من النزاهة ثقافة داخلية قبل أن تكون التزاما خارجيا.
وخلص إلى أنه إذا كانت الدراسة قد أبرزت المخاطر التي تهدد القطاع، فإنها تفتح أمامنا، في الوقت نفسه ، مسالك للوقاية ولإصلاح ما ينبغي إصلاحه وتصحيح ما يتعين تصحيحه، عبر الدعوة إلى تبني العديد من التدابير من قبيل:
• تعزيز الإطار القانوني والتنظيمي للوقاية من الفساد في القطاع؛
• تعزيز الرقابة والإشراف التنظيمي؛
•إدماج الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط المطالبات ورصد حالات التلاعب؛
•تكثيف التكوين وبناء القدرات؛
•إدراج بنود صريحة لمكافحة الفساد في العقود التأمينية؛
•تطوير شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال.






