تثير مسألة رسوم التسجيل في سلك الدكتوراه بالنسبة للموظفين نقاشاً قانونياً مهماً يعكس حجم الإشكالات التي تعرفها governance المنظومة الجامعية في المغرب، وتعيد طرح السؤال الجوهري حول حدود السلطة التقديرية للإدارة، ومدى احترامها للقانون وللمبادئ الدستورية المؤطرة للخدمة العمومية.
ففي السنوات الماضية، اعتمدت بعض الجامعات المغربية رسوماً خاصة للتسجيل في الدكتوراه بالنسبة لفئة الموظفين، استناداً إلى قرارات تنظيمية داخلية أو توجيهات وزارية عامة.
غير أن هذا التوجه، وإن بدا في ظاهره محاولة لتنظيم الولوج إلى "التكوين في الزمن الميسر"، فقد اصطدم بجدار الشرعية القانونية. فهذه الرسوم لم تستند إلى أي نص تشريعي أو مرسوم تنظيمي يخول للإدارة فرض أعباء مالية جديدة على الطلبة. والقاعدة القانونية في هذا الباب واضحة: لا رسم بدون قانون.
القضاء الإداري بدوره قال كلمته بكل وضوح. فقد ألغت المحاكم الإدارية، وأيّدتها محكمة النقض، عدداً من القرارات الصادرة عن مجالس الجامعات، معتبرة أن فرض الرسوم يمسّ مبدأ مجانية التعليم العمومي الذي يحظى بحماية دستورية، وأن الجامعات، رغم استقلالها البيداغوجي والإداري، لا تملك سلطة إنشاء رسوم مالية أو فرض أعباء جديدة خارج الإطار التشريعي الذي يحدده الدستور.
إن هذا النقاش يفتح الباب من جديد أمام ضرورة احترام الشرعية في القرارات الإدارية، ويعيد التأكيد على أن الإدارة حين تتجاوز حدود صلاحياتها تصبح قراراتها عديمة الأثر، مهما حاولت تغليفها بالمصلحة أو التنظيم أو التبرير المالي.
كما يبرز الحاجة إلى إصلاح قانوني واضح ينظم التكوين في سلك الدكتوراه للموظفين، بشكل شفاف، ومنسجم مع الدستور ومع التوجهات الوطنية في مجال تكافؤ الفرص.
وفي انتظار إصلاح شامل للمنظومة، يظل القضاء هو الحصن الأخير لحماية الحقوق وضمان خضوع الإدارة للقانون.






