فن وإعلام

صحافة التحنيش (3/ 1)

محمد العمري (كاتب وباحث في علم البلاغة و تحليل الخطاب)

حينما يتحول صوت الصحفي المحاوِر إلى حناش، او بقشيش، او موسيقى مرافقة!

المفروض في الصحفي المحاوِر ان يدافع عن وجهة النظر الغائبة/المخالفة. 

وحين يقتضي السياق أن يكون دفاعه قويا فإنه ينبه المساءَل والجمهور أنه سيتخذ موقف محامي الشيطان، او كما يقول العوام وكيل الغياب.

 مع الأسف، الحوارات التي تابعتها هذه الأيام - اضطرارا لملء الفراغ - بعيدة عن هذه الصفة: ليس هناك معرفة بالموضوع، ولا تواضع في الاستخبار عنه، ولا جرأة في فحصه على محك ما يعارضه.

صادفت ثلاثة نماذج مقرفة:

١- الصحفي الحناش. 

وهو الذي ينتقي ضيوفه للدفاع عما هو موكل بالدفاع عنه، لتحقيق منفعة شخصية مباشرة او غير مباشرة؛ عبْر تحالف او خدمة. 

وضيوفه صنفان: ضيوف يحنشون له، وضيوف يحنش هو لهم:

1.الصنف الأول محنشوه: ضيوف يشتركون معه في التوجه والاختيار، فهؤلاء يعاملهم معاملة الشيوخ والأئمة: يستخبر فيُخبَر، ثم يعبر عن الإعجاب والانبهار، ويطلب من الإمام "(المتنطع يمينا اويسارا) إعادة "جواهره وتلميعها لترسيخها.  

ولا يقبل فيما يُدلي به هؤلاء "المعصومون" مناقشة ولا شفعة، ولا مراجعة، حتى ولو توصل بما ينقض كلامهم فلا يترك منه حجرا على حجر... يُغمض عينيه ويصم اذنيه... لأنه لم يحاورهم اساسا من اجل الحقيقة.

2- الصنف الثاني محنَّش لهم: ضيوف خارج دائرة أئمته وشيوخه، ولكنهم ليسوا ايضا من خصومه واعدائه؛ يمتلكون معرفة ومصداقية، أو يحملون قضايا عادلة أو مظلومية ماساوية. 

هؤلاء يستعملهم، يملي عليهم، ويرسم طريقهم: ويحنش لهم فيبرزون آثار خطوطه بالألوان التي يختارها.

بعضهم يلفه، منذ البداية، بزوبعة رملية، ثم يسلكه مسالك لا يدري بدايتها من نهايتها، وبعضهم يتلطف به، ويستطفه،... حتى يُدخل جملَه في القِدر الذي يختاره له.

هذا الَحناش صحفي مجازا، من باب تسنية الأعمى بصيرا...

أنا اصف هنا صحفيين... مهرجين... من هما؟

يتبع