قضايا

الإضرابات بالمغرب.. إلى أين تسير الأمور؟

عبد الجليل أبوالمجد

الإضراب عبارة عن توقف مؤقت عن العمل تقوم به مجموعة أو مجموعات من الأجراء بغرض تحقيق مطالب غالبا ما تتعلق بظروف العمل والأجور، أو مقاومة قرارات تفرضها جهة معينة سواء شركة كانت، أو مؤسسة، أو دولة.

والإضراب حق اعترف به أول دستور مغربي صدر سنة 1962 الذي أحال شروط ممارسته على قانون تنظيمي، وهو نفس الاعتراف والإحالة الذي تكرر في جميع الدساتير المغربية إلى غاية دستور سنة 2011.

وتكمن أهمية هذا الحق الدستوري بالأساس في كونه وسيلة يستعملها كل طرف اجتماعي لقبول مطالب الطرف الآخر أو على الأقل قبول وجهة نظره في النزاع. فهو إذن يعد أداة للضغط حينما يبلغ التسلط مداه وتغلق كل أبواب المفاوضات والحوار في البت ومعالجة الخلافات الاجتماعية المطروحة. وبعبارة أخرى الإضراب أبغض الحلال لا يجوز اللجوء إليه، إلا بعد استنفاذ جميع الوسائل الممكنة.

والملاحظ في الآونة الأخيرة تنامي حجم الإضرابات واتساعها ٌفي المغرب لتشمل أكثر من قطاع، في حين تقف الحكومة عاجزة، عن تهدئة حالة الغليان المتواصل وفظ الخلافات المتراكمة منذ صعود حكومة سنة 2ـ201 المسماة ب "الحكومة الملتحية" التي أساءت تدبير الشأن العام.   

وهكذا تعيش الساحة الاجتماعية بالمغرب على وقع موجة إضرابات متواصلة إضراب يلي إضراب، واحتجاج يلي احتجاج. البداية كانت بقطاع التربية والتعليم الذي عرف سلسلة إضرابات لمدة قاربت الأربعة أشهر أخرجت المدرسة العمومية عن الخدمة، وحرمت جزء كبير من أبناء المغرب من زمن مدرسي مكلف، ستبقى تداعياته وأثاره لسنين طويلة.

وعلى المنوال نفسه، تكاثرت إضرابات قطاعات أخرى تطالب بتحسين الأوضاع المالية والإدارية، منها على سبيل المثال لا الحصر: الصحة، والجماعات الترابية، والشغل، والتوثيق الشرعي أو العدول، وذلك بسبب عدم تنفيذ مضامين الاتفاقات الاجتماعية، وتخلف الحكومة عن الالتزام بوعودها سواء الانتخابية أو المتضمنة في التصريح الحكومي.

وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، وفي ظل ضعف الخدمات الاجتماعية المقدمة وتنامي الإضرابات وتعقدها يبقى المواطن الخاسر الأكبر، فالمواطن المغربي هو وحده من يؤدي الثمن، والذي هو أصلا يعاني التهميش والخصاص المهول في مجال الخدمات الاجتماعية الأساسية.

 وعليه، يبدو أن كثرة الإضرابات والاحتجاجات والارتجالية التي تتعاطى بها عدة جهات مسؤولة مع مختلف القضايا المجتمعية تدل على أن أوضاع البلاد ليست على ما يرام.

ختاما تتعاقب الحكومات وتتغير وجوه الوزراء والمسؤولين وتظل الملفات عالقة والحقوق ضائعة. وهذا ليس هو المغرب الذي نريد.