رأي

خالد أخازي: الدرس الإسباني لعبد اللطيف وهبي..

سنقدم الخبر كما هو... بلا توليف ولا تغليف...

قد يكون كافيا...

بلا حاشية ولا تعليق...

ليكون رسالة...مجرد رسالة...

الخبر... الخبر... 

كما جاء طريا مغريا من إسبانيا...

كما تناقلته وسائل الإعلام الدولية...

كالتالي:

 انطلق تحقيق أولي ضد" بيغونيا غوميز"، زوجة رئيس الوزراء الإسباني، على خلفية احتمال وقوع «جرائم استغلال النفوذ والفساد»، عقب شكاية وضعتها جمعية «الأيدي النظيفة»، جمعية من المجتمع المدني...

حسب مصادر إعلامية متعددة، يتعلق هذا التحقيق باحتمال وجود علاقة ما، لم تحدد بعد طبيعتها ل Begoña Gómez حرم رئيس الوزراء الإسباني مع المجموعة السياحية الإسبانية Globalia، مالكة شركة الطيران Air Europa.

أين جوهر القضية...؟

 الكشف عن وجود علاقة ما مع المؤسسة الاقتصادية المذكورة لم يكن ليثير حفيظة جمعية مدنية، لو لم تكن الشركة منخرطة في مفاوضات مع الحكومة للحصول على الدعم لمواجهة الانخفاض الشديد في الحركة الجوية المرتبطة من جراء تداعيات جائحة كوفيد.

يبدو الخبر عاديا....

فأين الدرس الموجه لعبد اللطيف وهبي...؟

أولا: الذي حرك الشكاية هي جمعية مدنية: جمعية الأيادي النظيفة، وتحرك التحقيق بمجرد ضع الشكاية... لا صخب ولا سجال ولا تصريحات للسلطة التنفيذية ولا التشريعية...

فحين يتدخل القضاء، تصمت باقي السلط.

القضاء لا تهمه الشكليات بقدر ما يهمه حماية المجتمع والحقوق الفردية والجماعية...

فالقضاء هو عماد التنمية والديمقراطية...

الجهة المشتكية هي طيف من المجتمع المدني...

مارست الجمعية دورها في الرقابة والضغط والاقتراح وفق أدبيات ومرجعيات المجتمع المدني...

لا أحد هدد المجتمع المدني الإسباني، ولا حاول ترهيبه بالمتابعة ولا التضييق على اختصاصاته...

كل يقوم بوظيفته وفق الدستور، وتحت رقابة القضاء...

الدرس الثاني: قرر رئيس الوزراء... تجميد نشاطه... وقد يقدم استقالته يوم الاثنين، حسب تعبيره من "شرف تقلد هذا المنصب"...

درس تحمل المسؤولية الأخلاقية قبل القانونية...

درس تحمل المسؤولية السياسية..

درسان لكل النخب السياسية...

بكل سلاسة... كل قام بوظيفته...

المجتمع المدني... القوة الرقابية 

القضاء... السلطة المستقلة...

مؤسسة رئاسة الوزراء: تجميد في انتظار استقالة محتملة...

لم يخرج وزير العدل مرغيا ولا مزبدا...

لم تتوزع الصحافة بين متحامل ولا متضامن...

الصحافة قامت بدورها: الخبر... والمتابعة..

والمجتهدة منها: ستقوم بالتحقيق وفق زوايا متعددة...

لم يصادر أحد حق المواطنين في المعلومة...

هذا هو جوهر الديمقراطية...

هكذا خرجت إسبانيا من بؤسها... منذ اختارت الديمقراطية...

وأول رهان للديمقراطيات الناشئة هو إرساء الثقة...

واحترام فصل السلط...

ومحاربة الفساد بإرادة سياسية وقناعة مجتمعية...

وترك المجتمع المدني يبادر حين لا تبادر الأحزاب السياسية والمؤسسات الدستورية...

شكرا شانشيز...

شكرا جمعية الأيادي النظيفة...

درس آخر... في الديمقراطية الشجاعة..