خبر نقل طفل مريض من أطفال أفقر جهة بالمغرب، جهة درعة-تافيلالت، من مدينة زاكورة إلى مستشفى السويسي بالعاصمة الرباط، خبر قدمته وسائل الإعلام كفتح مبين قامت به الحكومة الموقرة ووزارتها في الصحة في ظل كلام كثير عن الدولة الإجتماعية والعدالة المجالية والجهوية المتقدمة والنموذج التنموي الجديد.. إلخ إلخ إلخ..
هل المسألة فعلا لها علاقة بالحق في الصحة كما ينص على ذلك فصل ما من فصول الدستور، أم المسألة مرتبطة بالبيزنيس وال show السياسي الذي تدبر به الحكومةالموقرة أمور الناس خاصة في المناطق المهمشة والمنسية التي تنهشها الأمراض والبطالة والفساد ؟
دعونا نقرأ جيدا هذه الصورة التي روجت لها وسائل الإعلام التي تطبل كثيرا للحكومة الموقرة. لم نر الطفل ولا نعلم عنه أي شيء. ربما حماية لخصوصيته. هذا جيد.
طيب، لماذا أريد لنا من خلال هذه الصورة أن نركز كثيرا على الطائرة في مطار زاكورة وهي تتأهب للإقلاع، والطاقم الطبي، بعدما استقبل الطفل المريض والمغطى بأفرشة ناصعة البياض على السرير الطبي للطائرة، يقدم خدمات إسعافية للطفل بطريقة لا نكاد نراه إلا في أفلام هوليود، وليست بطبيعة الحال الأفلام المرعبة التي يتم تصويرها باستوديوهات مدينة ورزازات والتي لا تقل رعبا عن الأفلام التي تدور رحاها بمستشفى سيدي حساين بالمدينة والذي يصلح ليكون استوديو جاهز بالكامل لتصوير فيلم من أفلام الرعب.
أهم شيء في الصورة إياها إذن هي الطائرة. هذا هو الموضوع الرئيسي، والباقي مجرد تفاصيل. لكن، لا أحد منا أريد له أن يسأل مثلا : بكم إشترت الحكومة الموقرة هذه الطائرة؟ وكم هو ثمن الرحلة الواحدة بواسطة هذه الطائرة؟ هل هذا هو مفهوم الحكامة في تدبير المال العام عند الحكومة الموقرة؟
وزير الصحة، بنفسه، يطوف على مستشفيات الهوامش ويتنقل بين الجهات بطائرة خاصة كان آخرها الرحلة التي قادته لتفقد أحوال “الرعية الصحية” من أكادير إلى الناظور.
ففي الوقت الذي كان حريا بالحكومة أن تستثمر في الرأسمال البشري لدعم مستشفيات أفقر جهة بالمغرب، جهة درعة-تافيلالت، بالأطر الطبية وتمكين هؤلاء من تحفيزات للاستقرار بالجهة، ها هي ترسل طائرة خاصة صرفت عليها أموال طائلة من أموال دافعي الضرائب لنقل طفل مريض من زاكورة المنكوبة صحيا إلى مستشفيات الرباط (كلمة مستشفيات هنا بصيغة الجمع، الله يخليك).
وإذا كان لإنعاش البيزنيس الحكومي لابد من شراء طائرات، فلتشتري الحكومة الموقرة طائرة “كنادير” لإطفاء الحرائق التي تشتعل في واحات جهة درعة-تافيلالت، وكان أخر هذه الحرائق حريق شب ببرج المراقبة بمطار زاكورة.
بعد التعليم الذي سلطت عليه شركات البيزنيس تنهش لحمه كما تنهش الكلاب لحم بغل نافق وسط صحراء قاحلة، ها هي الصحة تنهال عليها بدورها منظومة البيزنيس.. بإيعاز من حكومة البيزنيس، أمام صمت مريب من الدولة الإجتماعية.






