السلام عليكم
من جملة ما يثير الانتباه في المغرب، خاصة في المرحلة الأخيرة، غياب النقاش العمومي بين الأطراف السياسية والاقتصادية والاجتماعية حول الراهن الوطني، وضعف التواصل المؤسساتي، وخاصة الحكومي والحزبي، وهيمنة التفاهة التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي، التي تنشر العاهات الفكرية، والتلوثات الثقافية.
إن حالة الصقيع السياسي، والتصحر الحواري، تعبر عن وضع غير مقبول، ينذر بأسوأ العواقب على مسيرة بلد يتطلع لانتقال ديمقراطي طال انتظاره.
ما معنى أن تعاني البلاد من مشاكل اجتماعية صعبة، لا وجود لها على الشاشات الوطنية التي تعج بكل شيء إلا الحوار الجاد والنقاش المطلوب؟
ما معنى أن تتحقق استحقاقات تاريخية، لا تجد من يدافع عنها، ولا من يعارضها، بل يتم التعامل معها وكأن تحصيلها والعدم سيان؟
أقول هذا، وأنا أتابع ما جرى بشأن العديد من التشريعات ذات الأهمية الخاصة، وآخرها القانون التنظيمي رقم: 97.15 المتعلق بتحديد كيفيات وشروط ممارسة الإضراب، الذي سيدخل حيز التنفيذ في 25 من الشهر الجاري (سبتمبر 2025)، حيث إنه بالرغم من أن هذا القانون التنظيمي بقي مغيبًا منذ الدستور الأول (سنة 1962)، وبالرغم من نص جميع الدساتير المتوالية عليه، فإن الحكومات المتعاقبة، خاصة في المرحلة الأخيرة، قامت بوضع مشاريع قانون في الموضوع، إلا أن الظرفية السياسية والاجتماعية لم تسمح بإصداره إلا في الولاية الحكومية الحالية، وهو ما يحسب في ميزان حسنات هذه الحكومة، على الرغم من سيئاتها الكثيرة.
إن هذا القانون له أهمية خاصة، من حيث إنه سيتيح لأول مرة للعمال وأرباب العمل، إطارًا قانونيًا واضحًا في الموضوع، بالرغم من ما للأطراف المعنية من تحفظات على بعض مقتضياته.
ومع ذلك، فإن إصدار هذا القانون ليس غاية في حد ذاته، بل إن أهميته تحددها طريقة تنفيذه، ومدى الاحترام الجدي للأطراف المعنية (العمال وأرباب العمل) لمقتضياته، ومستوى حرص السلطات العمومية على حسن تطبيقه، وإلا فلن يكون إلا ديكورًا معلقًا، أو شكلًا مهملًا.






