"فلاح الأمم" مقولة للجبران خليل جبران:
تقوم الأوطان على كاهل ثلاثة:
فلاحٌ يُغذّيه، وجنديٌ يُحميه، ومعلّمٌ يُربّيه.
هذه المقولة بها رأي فيه كثير من الحقيقة والسداد،
فحين اعتمدت الفلاحة في المغرب في "مغرب الأصفر "على الشركات العملاقة التى همها التسويق حيث انطلقت على حساب انقراض الفلاح المغربي، وتخريب النسيج الاجتماعي القروي الذي أصبح يشتري غذاءه من المدينة، و وصل الأمر الآن إلى شراء الحليب والخبز، في مناطق كانت تنتج القمح والحليب! وأصبح الأمن الغذائي مهددا لأسباب يطول شرحها، ولكن باختصار هناك "فلسفة زرع القمح" وهي غير "فلسفة زرع لافوكا".
القمح هنا عنوان فقط فهو لا يعني بالضرورة *القمح* ولكن الأولويات للمغاربة، و لافوكا لا تعني بالضرورة تلك *الفاكهة* وإنما عنوان الأولويات لدى السماسرة.
اما الجندي فها نحن نرى أن كل دولة ضعف جندها هددت مصالحها، بل تم تخريب دولها، أي الدول التي أصبحت عاجزة عن الدفاع عن وحدتها، وهي قصة نعيشها كل يوم في جوارنا الإقليمي ولمدة أكثر من نصف قرن، وبالتالي حين بنى المغرب مؤسسة عسكرية بروح وطنية، فقد سعى لحماية الحدود من الاعداء الخارجيين، وبعث برسائل جدية للجواز الإقليمي أن هذا الوطن بعد الله سبحانه هناك رجاله لحمايته.
أما التعليم فهو الاستثمار الحقيقي المتعدد الأبعاد، والضامن لتماسك الجبهة الداخلية، وهو المناعة الحقيقية للمغاربة، فكلما ضعفت منظومة التعليم كلما كان الثمن غاليا، والتكلفة مرتفعة مستقبلا.
هذه الأعمدة الثلاث لابد من دعمها بمنظومة قضائية نزيهة على نفس المسافة من السياسين وأصحاب المال، بحيث لا تجعل الساسة أو أصحاب المال فوق القانون ولا تتحول المواقع السياسية أو المالية قوة قاهرة نافذة تدوس على القانون، وتجعل منطق القوة، وليس منطق العدل هو الحاسم في الخلاف والاحتكام.
المناسبة شرط من أجل التقاط رسائل الشباب السلمية المعبر عنها بعناوين كبرى، تحتاج رجالات الدولة لتصريفها كمشاريع وبرامج تعود على أجيال كاملة بالنفع العام وتجعل المغرب شامخا قويا.
إن الأحزاب تحتاج إلى عقول تفكر فى المساهمة بالتأطير، ولو كانت لديها شبيبة حقيقية لسهل الآن عليها التجسير بينها وبين مكونات المؤسسات المعنية بهذا الظرف الزمني الحساس، ولكن شبيبتها لا تمثل الا امتدادات للشيخوخة التي تعرفها هذه الأحزاب، وهي أدوات حملات انتخابية فقط، بل بعضها "بلطجي" يستعمل في صراع القيادات داخل الأحزاب نفسها، وعند كل محطة من محطات المؤتمرات الداخلية، ومواقع يوتوب على سبيل المثال حجة لمنسوب العنف داخل هذه الشبيبة.
لا يمكن الحديث عن شبيبة الأحزاب إذا كانت لا تساهم في ضبط إيقاع الشارع، و حمايته من الانفلات الأمني، بل وحتى الشعارات التي تمزق الوطن أو بمضامين التحريض أو نزعة التخريب،
بعد الأحداث والتي في جزء منها تجلى وعي يمكن الثقة فيه، كما ظهر، وهذا واقع لا يرتفع، وحش بيننا يفكر في الهجوم على أماكن بها السلاح لحاملي السلاح، وهذا أخطر ما في هذه الاحداث، وضع يفرض التعامل مع هذا الوحش بمنطق الردع القانوني، وقبله منطق حماية المؤسسات العسكرية والمدنية بالدفاع عن النفس، والمغاربة يعرف صغيرهم وكبيره القولة: الهاجم يموت شرع،
إن هذه الأزمة لن تطول، ولكنها قالت لنا بكل وضوح، لا تعولوا على كثير من العناوين السياسية، فهي تنتمي إلى أحزاب مريضة على مستوى أفكارها المستقبلية، عقيمة على مستوى القوة الاقتراحية، عاجزة على مستوى البنى التاطيرية، أحزاب بمنطق السماسرة الفراقشية التى اختزلت الفعل السياسي في العبث بمقدرات وطن بكامله، دون احترام لقطاعات أساسية لمستقبله ، بعد مرور هذه الأزمة يجب مراجعة قوانين الأحزاب فلا يمكن أن تستفيد من المال العام تحت مبرر الديمقراطية، دون أن تساهم في صناعته هذه الديمقراطية وحمايتها، ولحظة الانتخابات هي جزء فقط من الحياة السياسية، مع الأسف أصبحت هي كل شيء، وظلمت الديمقراطية في المغرب بحيث أصبحت تعني
*صناعة الأغلبية* فقط و من أجل الوصول إلى السلطة ولو على خراب مالطة.






