مجتمع وحوداث

هيئة النزاهة توصي بتعزيز المسطرة الجنائية في مواجهة جرائم الفساد

كفى بريس

قدم خالد اليعقوبي، مدير قطب المقرر العام بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، رأي الهيئة بخصوص مشروع القانون رقم 03.23 المتعلق بتعديل وتتميم القانون رقم 22.01 الخاص بالمسطرة الجنائية، مع تسليط الضوء على مجموعة من التوصيات الجوهرية التي تهدف إلى تعزيز فعالية ملاحقة جرائم الفساد وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب.

وأوضح اليعقوبي، في مداخلة أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب خلال لقاء عقدته يوم 13 فبراير 2025، أن رأي الهيئة يستند إلى التشخيص الميداني لظاهرة الفساد، بالإضافة إلى المرجعيات الدستورية والدولية، لاسيما الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب والتوصيات الصادرة عن الهيئات الدولية في إطار مراجعة وتقييم سياسات مكافحة الفساد. كما شدد على ضرورة اعتماد إصلاح شامل ومتكامل للمسطرة الجنائية، بما يضمن إحكام حلقات التبليغ، البحث، التحقيق، الملاحقة، المحاكمة، وإنفاذ الأحكام، من أجل التصدي الفعّال لهذه الجرائم.

واستعرض المتحدث ذاته، التوصيات الأساسية للهيئة، وجاذت كالتالي:

1. تعزيز مبدأ عدم الإفلات من العقاب في جرائم الفساد

أوصت الهيئة بتعديل مبدأ التقادم، بحيث يبدأ احتساب مدته من تاريخ اكتشاف الجريمة وليس من تاريخ ارتكابها، أو من تاريخ مغادرة الموظف لمهامه، وذلك تماشياً مع بعض الاجتهادات القضائية الدولية.

التأكيد على عدم سقوط عقوبة المصادرة بالتقادم، لأن الأموال المصادرة بموجب أحكام نهائية تعتبر ملكاً للدولة ولا ينبغي أن تسقط بمرور الزمن.

تثبيت القواعد القانونية التي تمنع سقوط العقوبات المالية بالتقادم، بما يحقق العدالة بين المتضررين والدولة.

2. ضبط سلطة النيابة العامة في متابعة جرائم الفساد

أوصت الهيئة بضرورة إخضاع قرارات النيابة العامة بعدم المتابعة لمراجعة سلطة عليا، سواء بمبادرة منها أو بناءً على شكاية من الضحية أو الجهات المعنية.

تعزيز مبدأ تعليل قرارات الحفظ، بحيث تستند إلى أسباب قانونية واضحة، كما هو معمول به في قوانين المحاكم المالية.

3. توسيع نطاق التبليغ عن جرائم الفساد

انتقدت الهيئة التعديل المقترح على المادة 3، والذي يقيد إمكانية تقديم الشكايات من قبل بعض الفئات، معتبرة أنه يخالف الدستور والاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد.

أوصت بحذف الفقرتين السابعة والثامنة من المادة 3 لضمان إمكانية التبليغ من طرف جميع المواطنين والهيئات المدنية.

4. تعزيز الحماية القانونية للمبلغين عن الفساد

أكدت الهيئة على ضرورة تقييد سلطة القضاء في تعديل أو سحب تدابير الحماية، مع ضمان إمكانية الطعن في هذه القرارات من قبل الضحايا والمبلغين.

دعت إلى إلغاء شرط حسن النية كشرط للاستفادة من الحماية، لأن بعض التشريعات الدولية لا تأخذ بسوء النية ما دامت الشكاية قائمة على قرائن معقولة.

ضرورة إعفاء المبلغين من المسؤولية الجنائية عن إفشاء السر المهني، عندما يتعلق الأمر بجرائم الفساد، خاصة إذا استندوا إلى وثائق تدعم تبليغهم.

5. تطوير استخدام الوسائل التكنولوجية في التحقيقات

رحبت الهيئة بإدراج جرائم الفساد ضمن الجرائم التي يمكن فيها استخدام تقنيات المراقبة والتنصت، لكنها أوصت بتوسيع نطاق هذا الإجراء ليشمل جميع جرائم الفساد المنصوص عليها في القوانين الخاصة.

دعت إلى تعزيز سلطة قاضي التحقيق في اللجوء إلى التقنيات الحديثة، دون اشتراط ملتمس من النيابة العامة، وذلك انسجاماً مع قرارات محكمة النقض المغربية.

6. تعزيز دور قاضي التحقيق في قضايا الفساد

أوصت الهيئة بجعل إحالة جنايات الفساد على قاضي التحقيق إلزامية، نظراً لخطورة هذه الجرائم وتعقيداتها.

انتقدت التعديل الذي يفرض على قاضي التحقيق الرجوع إلى النيابة العامة عند توجيه التهم، معتبرة أنه يعيق سير التحقيق في قضايا الفساد.

دعت إلى ضبط مسألة تحويل القضايا بين قضاة التحقيق، لتجنب استغلال هذه الآلية في تعطيل سير العدالة.

وفي الختام، أكد خالد اليعقوبي أن هذه التوصيات تعكس تصور الهيئة لضرورة إصلاح شامل ومتكامل للمسطرة الجنائية، بما يضمن فعالية ملاحقة مرتكبي جرائم الفساد وعدم إفلاتهم من العقاب، مع توفير الحماية القانونية للمبلغين وتعزيز دور قضاء التحقيق. كما شدد على أن اعتماد هذه التعديلات سيشكل نقلة نوعية في جهود مكافحة الفساد بالمغرب، بما يتماشى مع الالتزامات الدولية والتوجيهات الدستورية في هذا المجال.